جبروتهم تحت الاختبار ورجالنا جبال من نار...!
محمد صادق الحسيني
رغم ضجيج قراراتهم من زيادة العقوبات على إيران وصولاً إلى إغلاق مداخل المسجد الأقصى، فإننا نكاد نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً…!
هذا بالضبط هو واقع الحال بالنسبة للمحور الصهيوأميركي ومَن معه من عملاء الاستعمار في العالم العربي، من شواطئ خليج العاصفة الرعدية القطرية وحتى تونس المتحفزة للتحرّر من هيمنتهم…
وكلما ترتطم محاريثهم في صخور البادية السورية أو العراقية
تراهم يُوعزون لعملائهم هنا أو هناك باللجوء إلى بعض الحركات الاستعراضية حرفاً للأنظار عن مسرح العمليات الأساسي…
بالأمس مثلاً طلبوا من بقايا النظام البائد المسمّى «نداء تونس» إلى جانب بقايا حلفائهم المتهافتين في حركة النهضة «المتوهبنة» الفكر والهوى، إسقاط مشروع إعادة العلاقات الديبلوماسية مع سورية، وذلك باستخدام النهضة لمناورة برلمانية رخيصة ومبتذلة ومكشوفة لإسقاط مشروع الإرادة الشعبية التونسية في البرلمان…
فيما نراهم في مكان آخر يفرضون العقوبات على مجموعة من الشركات الصينية والتركية وعدد من الشخصيات الإيرانية أو شركات القطاع الخاص فيها بتهمة مساعدة الدولة الإيرانية المقاومة في تنفيذ برنامجها الصاروخي الدفاعي والذي لا يتعارض مع أية اتفاقية دولية، بما فيها اتفاقية الملف النووي مع الدول العظمى…
كلّ ذلك يأتي بعد العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على مجموعة من العلماء السوريين بتهمة دور مفترض لهم في موضوع خان شيخون الكيماوي المفبرك أميركياً…
وفي هذا السياق تؤكد تقييمات مجموعة من الخبراء الاستراتيجيين، التي تبني تحليلها على معلومات دقيقة لديها مستقاة من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، بأنّ توجّهات الإدارة الأميركية المتعلقة بمحور المقاومة بشكل عام وتلك المتعلقة بالمواجهة مع إيران بشكل خاص.
تؤكد ما يلي:
– أنّ الإدارة الأميركية باتت مقتنعة ومعترفة بهزيمة مشروعها في سورية. وهي تؤجل إعلان الهزيمة بهدف إطالة أمد الاستنزاف لا غير…
– أنّ الإدارة غير قادرة على القيام بأيّ خطوة عدوانية ضدّ إيران لا مباشرة ولا عن طريق ذنبها «الإسرائيلي» أو السعودي…
– أنّ الإدارة متأكدة بأنّ نتيجة أيّ حماقة من هذا النوع ستكون بداية العدّ العكسي لزوال الكيان الصهيوني وزوال جميع دويلات أمراء الطوائف في الجزيرة العربية، بما في ذلك الحجاز…
– أنّ الإدارة الأميركية قد فهمت تصريح اللواء جعفري يوم أمس، بضرورة إبعاد القواعد الأميركية ألف كم عن حدود إيران إذا واصلت سياسة فرض العقوبات، وأدركت مغزاه جيداً على أنه أمر عمليات واضح ودقيق لكافة صنوف القوات المسلحة الإيرانية حول كيفية ومدى الردّ الإيراني في حال ارتكاب أيّ عدوان ضدّ إيران…
– بناء على ما تقدّم، فإنّ المعلومات المشار إليها أعلاه، تؤكد أنّ الإدارة الأميركية قد قرّرت الاستعاضة عن المواجهة المباشرة أو غير المباشرة بعمليات التخريب داخل إيران عن طريق غرف عمليات «سي أي آيه» الموجودة في كلّ من الرياض وأربيل والمنامة وإسلام أباد.
– أيّ أنّ الإدارة قرّرت اللجوء إلى القيام بمناوشات مع إيران لإشغالها عن مهمتها الأساسية في مواجهة العدو الصهيوني عوضاً عن الصدام المباشر معها، مع المحافظة على وسائل الضغط الأخرى، والتي تتضمّن الضغط على دول مختلفة لثنيها عن توسيع تعاونها مع إيران…
– زيادة عمليات المشاغبة في شمال غرب الحدود الإيرانية مع العراق وجنوب شرقها مع الباكستان من خلال منظمات إرهابية معروفة لدى طهران تأتي في هذا السياق…!
– أنّ زيارة رئيس أركان الجيش السعودي إلى بغداد يوم أمس، تأتي في إطار الجهد الأميركي الرامي لمناوشة إيران، حيث اقترح هذا البائس تعاوناً سعودياً مع الحكومة العراقية في محاربة داعش مقابل تعاون عراقي في مواجهة إيران…!
وأما في ما يخصّ جديد مناورات العاصفة الرعدية القطرية، فإنّ مصادر عين الراصد المتابعة لما يجري في كواليس اللعبة الدولية من تحرّكات تفيد بأنه ورغم تصاعد السجال السعودي القطري وتفاقم الوضع العام للأزمة الخليجية وتوسّع نطاقها لتشمل دولاً وحيّزاً إقليمياً أكبر، فإنه ينبغي التأكيد من جديد على أنّ:
ليس بإمكان «الجزيرة» ولا الأموال إقامة إمبراطورية…
إنهم الرجال الذين يقيمون الإمبراطوريات، فكم رجل تعداد سكان قطر!؟
كلّ ما يقوم به القطريون يحصل بأوامر أميركية لا بأوامر أميرهم، ولا بتوجيهات حليفهم الإقليمي القادم إليهم مدجّجاً بالقاعدة الجديدة أردوغان، ولا بأوامر أيّ حلم أمبراطوري كان كما يحاولون أن يرسموا من هذه المشيخة…!
كلهم خدم عند المستعمرين… البريطانيون سابقاً والأميركيون حالياً الذين يديرون المسرحية…!
الأهداف واضحة وكما سبق ووصفناها:
– خلق بؤرة توتر جديدة في المنطقة لتبرير بيع المزيد من الأسلحة.
– ابتزاز جميع أطراف الأزمة مالياً.
– مواصلة الحشد العسكري الأميركي المعادي لإيران وروسيا والصين، بتخزين مسبق لكميات هائلة من السلاح في دول الخليج تحت مسمّى صفقات سلاح لهذه الدول.
وكذلك تعزيز لقوات الناتو هناك من خلال الوجود البحري الفرنسي والبحري الجوي التركي في قطر وقيام تركيا «ببيع» مئات المدرّعات القتالية لسلطنة عُمان.
إذن هو مشروع استعماري بقيادة USA وليس مشروعاً إمبراطورياً بقيادة قطر او أردوغان…
وصول طائرات التدريب الباكستانية طراز سوبر موشاك إلى قطر.. يُعتبر مزيداً من القوات والسلاح المسيطر عليه أميركياً إلى هذا المخزن الخليجي…
فهل نسي العالم مثلاً بأنّ حقيبة باكستان النووية يسيطر عليها أحد كبار ضباط «سي أي آيه»!؟
على صعيد آخر، فإنّ ما تمّ الكشف عنه مؤخراً تحت عنوان تقرير الخارجية الأميركية، فإنّ المصادر المطلعة أفادت لعيون الراصد بما يلي:
أولاً: إن ما كشفته «سي أي آيه» بخصوص موضوع شراء دولة الإمارات السلاح من كوريا الشمالية غير صحيح… وأنّ الإماراتيين يشترون السلاح لعصابات جنوب اليمن والعصابات الكردية وغيرها في شمال سورية. نعم ولكن من أوكرانيا وبلغاريا وبتعليمات أميركية للدولتين…
أما نشر خبر السلاح الكوري، فهو إشاعة هادفة ووسيلة ضغط إضافية على ملوك الطوائف في الخليج لمزيد من الابتزاز…!
ثانياً: إنّ زيارة أردوغان الخليجية يوم الأحد لن تحمل جديداً. وهي منسقة مع الأميركيين بهدف الحفاظ على جذوة العاصفة الرعدية القطرية بهدف مواصلة الظروف الملائمة لمزيد من الابتزاز أكثر فأكثر…
ثالثاً: إنّ إيقاف مشروع «سي أي آيه» حول تسليح ما يسمّى بالمعارضة السورية، ما هو إلا اعتراف جديد بالهزيمة ومؤشر مهمّ على البدء بترتيبات الانسحاب الاستراتيجي للأميركيين من مسرح العمليات السوري العراقي، وتسليم بعدم القدرة على الدخول في مواجهة شاملة مع محور المقاومة…
رابعاً: إنّ تصريحات الخارجية الأميركية حول الدعم السعودي للإرهاب تصبّ في اتجاه المزيد من الابتزاز، بالإضافة إلى أنها تصبّ في مصلحة تنفيذ واستغلال قانون جاستا ضدّ الإرهاب. علماً أنّ هناك خمس عشرة قضية مرفوعة ضدّ السعودية في هذا الإطار.
خامساً: المهمّ هو ما يجري في الميدان السوري والعراقي باتجاه تأمين البوادي والوصول إلى القائم والبوكمال ودير الزور وتأمينها بالكامل.
سادساً: إنّ العرض الأردني «بالمساعدة» في تأمين طريق بغداد الأردن لغم مشبوه وفخ مبيّت، لأنّ الفكرة «إسرائيلية» وتهدف إلى مواصلة السيطرة الصهيوأميركية على هذه الطريق من خلال استبدال عصابات شركات الأمن الأميركية الخاصة التي تسيطر على الطريق بقوات خاصة أردنية مطعّمة بوحدات من المستعربين الصهاينة…
وعليه فإنّ ما يخلص إليه المتابعون للحراك الأميركي في مسرح عمليات محور المقاومة هو أنّ إدارة ترامب تعدّ نفسها لشرب مزيد من كؤوس السمّ على بوابات حواضرنا بل، وفي طول وعرض أريافنا وجرودنا وأخيرها، وليس آخرها ما يسطّره رجال الله من ملحمة في القلمون وجرود عرسال كخطوة نهائية لإغلاق ملف الحدود اللبنانية السورية، ما يعني إسدال الستار على آخر مشهد من مشاهد بقايا البقايا لدواعش الوهابية والمحافظين الجدد الأميركيين في لبنان والذين تناقص عدد أيام شهر آذارهم حتى تكاد تلامس نقطة العمليات صفر…!
هل يأتي الردّ من باب الأسباط هذه المرة!؟
بحول الله وقدرته يدنا هي العليا،
بعدنا طيّبين، قولوا الله…
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2017/07/22