هل مَن يجيب على أسئلة هادئة موجّهة لكتلة المستقبل؟
ناصر قنديل
– صدر بيانان لكتلة المستقبل عن معارك جرود عرسال. وهذا يعكس الإصرار من جانب الكتلة وكاتب بياناتها على إثارة قضايا أو فتح معارك يراها وتراها الكتلة مصيرية، وحيث إنّ البيان الأول اقتصر على الاتهامات وقد أعادها الثاني، وحيث لا مبرّر للخوض في سجال اتهامي يرغبه بعض من في الكتلة لاستحضار مظلومية واستعطاف شارع صار غالبه الأعمّ يعيش بفرح انتصارات المقاومة، ولم تعُد تنفع معه محاولات تشويه صورة الحرب ولا أكاذيب الحديث عن ثورة وثوار، فيكفي أخذ عصارة البيان الثاني وما فيها من مواقف سياسية وطروحات لمناقشتها أو طرح أسئلة حولها عسى يوجد مَن يملك في الكتلة، التي نفترض نيتها إثارة نقاش وطني حول ما قالت في بيانها ليوضح ويردّ على الأسئلة إلا إذا كان ما تريده هو فقط استدراج اتهامات كاتهاماتها، لأنّ هذه هي اللعبة المرسومة.
– لا نريد الخوض في المساجلات حول ما قاله البيانان عن تخديم أجندة وأهداف إيرانية افتراضية سبق قول مثلها في حرب تموز وبعدها عن مشاركة حزب الله في سورية وربطها بتحسين وضع تفاوضي لإيران حول ملفها النووي، وانتهى الملف النووي باتفاق لم يقايض بشيء من عناصر قوة ومعارك حزب الله ولم يوقفها، ولم يعتذر أصحاب الاتهامات عن سوء الظنّ ولا زالوا يرونه من حسن الفطن أو الفتن. ولا نريد الخوض في سؤال موازٍ للاتهام بأجندة أجنبية بالقول إنه إذا كانت إيران تقف وراء قرار حزب الله، وإيران لا تقاتل في المجرّات بل لها خصوم يتصدّرهم الأميركي و»الإسرائيلي»، فهل تنتبهون لمعنى وضع الأقدام في حلف قضيته المواجهة مع إيران ولحساب مَن إذن أنتم تقاتلون؟ ولا حتى السؤال عن رفة قلب لبناني لدماء لبنانية تعصم لبنان من خطر إرهاب، طالما الجفن لم يرفّ يوم احتشد مئات الآلاف يطالبون بصيغة شراكة في الحكم صارت مستسهلة ومقبولة بعد السابع من أيار، ومثلها صار العماد ميشال عون رئيساً مقبولاً بعدما قيل فيه نثراً وشعراً ما لم يقلْهُ مالك في الخمرة.
– سنكتفي بسؤالين منهجيين هادئين، يتصلان بمقترح الكتلة نشر قوات اليونيفيل في الجرود وسائر الحدود بين لبنان وسورية، والسؤال الأول كيف سيتمّ ذلك من دون تحرير الشق اللبناني من الجرود من وجود داعش والنصرة؟ ومَن سيقوم بذلك، ما دام الجيش اللبناني ليس مجهّزاً لخوض مثل هذه الحرب ويحتاج دعماً جوياً وتنسيقاً برياً مع الجيش الواقف قبالته على الضفة الأخرى من مناطق يحتلها الإرهاب، هو الجيش السوري؟ فهل المقترح بنشر القوات الدولية هو بعد أن ينتهي حزب الله قتاله أم قبل؟ وإنْ كان بعد فلماذا الحملة على خوضه الحرب إذن، وإنْ كان قبل فهل تقترحون التنازل عن جزء من الأرض اللبنانية للإرهاب وتسييجها باليونيفيل؟
– السؤال الثاني يتصل بالطابع القانوني للمقترح، فنشر قوات اليونيفيل يستدعي قراراً يصدر عن مجلس الأمن الدولي، ولنفترض أنّ المقترح هو بنشر اليونيفيل بعد تحرير الأراضي اللبنانية من الإرهابيين، فالسؤال هو طالما نتحدّث عن حدود بين دولتين هما لبنان وسورية، فالقرار الأممي يجب أن يصدر برضاهما وقبولهما، فهل هذه دعوة لتفاوض بين الحكومتين اللبنانية والسورية حول المشروع؟ وهذا ترفضونه طبعاً، ولكن لو سلّمنا أنكم تفكرون بذلك، ماذا لو رفضت الحكومة السورية؟ وهذا شبه أكيد، إنْ لم يكن في حكم المؤكد، ماذا تصير قيمة المقترح إلا على طريقة الحديث عن زواج ابن جحا من بنت الملك وقطع نصف الطريق طالما جحا وزوجته وابنه موافقين، اللهم إلا إذا كان المُراد قراراً وفقاً للفصل السابع. وهذا يعني وضع البلدين المعنيين تحت الفصل السابع ونزع سيادتهما وإلزامهما بالقرار. فهل هذا هو المشروع القديم الجديد منذ حرب تموز، فلماذا لم يرد في البيان؟ ويبقى السؤال حتى لو كانت هذه هي النيات، هل ثمة أفق لها بعدما فشلت قبل عشرة أعوام والتوازنات لم تكن على ما هي عليه الآن، وأنتم الأعلم أنّ الفيتو المزدوج ينتظر كلّ فصل سابع في مجلس الأمن؟
– هل مِن مجيب بغير الشتائم؟
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2017/07/26