مقاطعة جلسة القسم
عبدالوهاب جابر جمال
وأنا أتابع وسائل التواصل الإجتماعي لفتت نظري دعوات لبعض السياسيين والمغردين تطالب بعض نواب مجلس الأمة "المحسوبين عليهم" مقاطعة جلسة مجلس الأمة القادمة والتي ستشهد أداء الحكومة للقسم الدستوري، كموقف سياسي اعتراضاً على الأحكام الصادرة من محكمة الإستئناف بحق المدانين في قضية اقتحام المجلس.
فبدأت أتصفح مواقفهم السابقة غير بعيدة والتي شاهدها الجميع فرأيت إن أغلب من يطلق هذه الدعوة اليوم هو ذاته قد هاجم سابقاً "النواب الشيعة" لاتخاذهم ذات الموقف "مقاطعة أحد الجلسات" سابقاً وطعن بهم واعتبر موقفهم هذا تدخلاً وطعناً بالقضاء وأتهمهم بالخيانة!
وهنا ظهرت المفارقة أكثر، وانكشفت مواقفهم اللا مبدئية بل الطائفية المصلحية بشكلٍ جلي للعموم والتي تتجسد في اتخاذ موقف معين إن مسه الحدث شخصياً أو مس أصدقاءه وأقاربه ، ويرفض ذات الموقف ويطعن به إن اتخذه نواب آخرون لا يتفق معهم سياسياً ولم يستفد منه شخصياً!
هذا الأمر والتناقض ليس بجديد بل شهدناه مراراً وتكراراً وبعدة مواقف سابقة لنفس هؤلاء الأشخاص وآخرها ما تم طرحه قبل أيام أيضاً في موضوع الدعوة إلى العفو ، الذي اقترحه البعض وبتفصاله الخاص ليلائم "جماعته" فقط لا غير، على الرغم من وجود الكثيرين ممن يجب أن يشملهم هذا العفو وعلى سبيل المثال لا الحصر المغردين ومن سجن لموقف سياسي ورأي ذكره أو كتبه انتقد به أمر ما أو انتقد به أحد دول الجوار!
وهنا يجب أن أبين أمراً وهو إن مقاطعة النواب لأي جلسة هو موقف سياسي بامتياز وحق من حقوق النائب يستخدمه متى شاء وكيفما شاء (إن كان بشكل فردي أو بشكل جماعي) ويجب على الجميع احترام هذا الخيار وهذا الموقف، لأنه يندرج تحت إطار العمل السياسي البرلماني للاعتراض على موقف معين ولإيصال رسالة لأصحاب القرار إن كنا نتفق أو نختلف معها.
وأيضاً يجب أن أوضح إن هذا الموقف (مقاطعة الجلسات) ليس وليد اليوم بل إن هناك سوابق كثيرة من قبل نواب سابقين وحاليين ومنها على سبيل المثال لا الحصر مقاطعة عدد كبير من النواب لأواخر جلسات مجلس 2009 ، فالطعن والتخوين مرفوض من أياً كان لأن من خون زملائه (النواب الشيعة) بالأمس احتاج اليوم لنفس هذا الموقف فماذا سيفعل بموقفه السابق وهل سينقلب التخوين عليه ! .
ولذلك يجب على الجميع أن يعي وخصوصاً النواب والسياسيين أن العمل السياسي يجب أن يكون وفق المبدأ والدستور ومصلحة البلد ككل، لا وفق الأهواء والمصالح الشخصية التي تتبدل يومياً حسب أمزجة الأشخاص و أجنداتهم كما هو حال "أغلب معارضي اليوم" وللأسف .
ولتكن النظرة والموقف وفق مسطرة واحدة لا تتبدل لمصلحة شخصية هنا أو هناك، أو لتحقيق مكسب شخصي هنا أو هناك ، فهذا ليس عملاً سياسياً مبدئياً كما هو الديدن الذي يجب أن يكون عليه العمل السياسي البرلماني الحقيقي الذي يحقق الانفراجة للجميع (دون تمييز) بل هو تعميق للخلافات و الانقسامات وزيادة في التناحر بين الشعب الواحد ليتفرغ الفاسدون في ممارسة فسادهم أياً كان.
رسالة ختامية؛
إن كنا نريد أن نحافظ على الكويت ومستقبل الكويت ونحمي حقوق ومكتسبات المواطنين يجب أن نعمل لمصلحة الوطن ككل لا للمصلحة الشخصية والفئوية وبذلك سنحصد الثمار جميعاً ونحمي أنفسنا وغيرنا.
أضيف بتاريخ :2017/12/17