آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فاضل العماني
عن الكاتب :
كاتب سعودي

هل نحن مسؤولون عن الآخرين؟

 

فاضل العماني

يبدو أن لكل مرحلة زمنية أدبياتها وأدواتها المختلفة عن كل ما سبقها، التي قد تؤثر بشكل مباشر في حركة المجتمعات والشعوب، ولعل المجتمع السعودي لا يختلف عن بقية المجتمعات والمكونات البشرية، فقد بدت عليه كثير من التغيرات والتحولات التي طالت عديدا من مجالاته وتفاصيله المختلفة، الأمر الذي جعل المراقب والدارس للمجتمع السعودي، يُلاحظ وبشكل واضح وجلي حجم التغيرات والتحولات في صورة المجتمع السعودي الذي لم يعد كما كان.

في مساحة محدودة كهذا المقال، لا يمكن الكتابة بشكل مفصل وشامل عن تلك التغيرات والتحولات التي حدثت في المجتمع السعودي، لذا سأركز على تحول ثقافي ومزاجي واحد فقط، أجده الأهم والأكثر عمقاً في حركة المجتمع السعودي خلال هذه المرحلة الجديدة التي بدأت تتشكل وتتبلور ملامحها ومعالمها.

حتى وقت قريب، كان المجتمع السعودي بمختلف مكوناته وتعبيراته، يظن أن من واجبه الإنساني والديني أن يحمل «مسؤولية أخلاقية» تجاه كثير من القضايا والملفات البعيدة عن أسواره الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية. يبدو أن هذا الواجب/الهاجس لم يعد يلوح كثيراً في أفق وقناعة المجتمع السعودي بأفراده ومكوناته، بل على العكس تماماً، فقد أصبح المجتمع السعودي أكثر براجماتية وأنانية في أغلب تعاملاته وتصرفاته، سواء البينية أو الخارجية، ولم يعد يهتم كثيراً بالصورة/النظرة التي قد يرسمها الآخرون عنه؛ لأنه بكل بساطة قد اختار همومه وشؤونه الخاصة، وانحاز لأفكاره وقناعاته الضيقة، ولم يعد يبالي كثيراً بتلك الشعارات والعناوين الجميلة والبرّاقة التي تبناها كل تلك العقود الطويلة.

فعلى صعيد المجتمع الداخلي، تغيرت كثير من الموازين والقيم التي يؤمن بها المجتمع السعودي، حيث بدأت الطموحات الفردية والنزعات الفئوية في الصعود، في حين توارت كثير من العادات والسلوكيات المجتمعية كالاهتمامات المشتركة والمصالح العامة؛ أي أن المجتمع السعودي بأفراده وفئاته يسير بخطى سريعة وثابتة في اتجاه الطريق/الأسلوب العملي الذي يضمن له حقوقه الفردية ومصالحه الفئوية.

وعلى الصعيد الخارجي، لم يختلف الأمر كثيراً؛ إذ لم تعد القناعات والممارسات التي شكّلت وصاغت وعي ومزاج المجتمع السعودي، هي نفسها، كالاهتمام بالشؤون والقضايا المهمة أو الدفاع عن الأفكار والقناعات العربية الكبرى. كل ذلك، لم يعد ضمن أولويات المجتمع السعودي في هذه المرحلة الاستثنائية، التي أفرزت كثيرا من القوانين والقناعات الجديدة، وقد استبدل المجتمع السعودي قاعدة «الاهتمام بالآخرين»، ووضع مكانها قاعدة تتناسب وطبيعة المرحلة، وهي «لا تخض حرباً ليست حربك».

وبعيداً عن الجدل والصراع حول صحة ومنطقية هذا «التحول الكبير» في حركة المجتمع السعودي، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، يقفز هذا السؤال الملتبس: هل نحن مسؤولون عن الآخرين؟

صحيفة الرياض.

أضيف بتاريخ :2018/05/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد