سياسة القوة
عبدالوهاب جابر جمال
بعد التصريحات المندفعة والقرارات المتهورة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه سدة الرئاسة تجاه إيران كإنسحابه من الاتفاق النووي وإعلانه عن نيته بفرض عقوبات إقتصادية جديدة عليها ، شعرت أغلب دول المنطقة بقرب إندلاع الحرب التي لن ترحم البشر ولا الحجر وخاصة في منطقة الخليج .
فتسابق الكثيرين وخاصة بعض الدول العربية لإطلاق تصريحات منحازة للجانب الأمريكي ، رغبةً منها بالتودد لها آخرها الحديث عن إقامة إتفاقيات لحلف جديد هدفه مواجهة ايران تحت ذريعة حماية النفس والدخول من باب الحماية من قبل "القوي" ! .
وفي ظل هذا الخوف أتى الرد حاسماً من الجانب الإيراني بكل إقتدار وثقة وبلغة القوة بأن هذه التهديدات لن تجعلنا نتراجع أو نخضع للجانب الأمريكي أو نتنازل عن حقوقنا ومبادئنا التي تمسكنا بها منذ إنطلاق الشرارة الأولى للثورة وأبرزها الإستقلال السياسي و دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب .
الرد الإيراني (سواء اتفق البعض معه أو اختلف) قد وصل بشكل مباشر للشخص المعني وجعل الرئيس ترامب يتراجع عن عنجهيته المفرطة ، وسرعان ما أطلق عبر موقعه الشخصي في شبكة تويتر رغبته بالحوار غير المشروط مع القادة الإيرانيين ، فأتاه الرد الإيراني برفض مجرد التفكير بدعوته للحوار قبل عدوله عن قراره تجاه الإتفاق النووي .
هذا الموقف أثبت من جديد أن الجانب الأمريكي لا تردعه إلا لغة القوة ، فالقوة والغرور لا يمكن مواجهتها بالتودد أو الضعف ولا يمكن تخفيفها بعطايا مالية طائلة من هنا أو هناك ، رغم الامكانيات الضخمة التي تمتلكها الولايات المتحدة .
هذه الحادثة التي تابعها الجميع يجب أن لا تمر هكذا مرور الكرام دون دراسة بل يجب إعتبارها أساساً لمعادلة سياسية في مواجهة الدول المتغطرسة باسم سياسة القوة ولا بد من الجميع الإستفادة منها ، خصوصاً مع أمريكا التي اعتادت أن تملي الشروط دون معارضة من أحد ومع رئيس يعتقد أنه أصبح سيداً للعالم ولا يستطيع أحد الوقوف بوجهة ! .
وهنا لا بد وأن أطرح هذا السؤال :
ماذا لو تعاملت جميع دول العالم بلغة الندية وسياسة القوة مع الولايات المتحدة وتخلت عن لغة الخوف والسمع والطاعة ؟! هل ستستمر أمريكا بسياستها العدوانية الإرهابية تجاه دول العالم ؟! .
ختاماً ؛
يجب القول إن المتابع الحقيقي للأحداث وخاصة لسياسة ترامب (سياسة التهديد والوعيد وحصد الأموال) يشاهد المفارقة بتعامله بين الدول على حسب القوة والضعف فلتختار أي دولة أين تريد أن تكون .
أضيف بتاريخ :2018/08/01