كيف صار حزب الله القوة العسكرية الثانية في المنطقة؟!
حماد صبح
في ختام تدريبٍ للواء جولاني الإسرائيلي دام أسبوعا ، وحاكى فيه حربا مع حزب الله ؛ وصف ضابط كبير في القيادة الإسرائيلية الشمالية الحزب ب “أقوى جيش في الشرق الأوسط بعد الجيش الإسرائيلي”، يبدو وصف الضابط أول رد إسرائيلي على ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله في الذكرى الثانية عشرة لانتصار الحزب على إسرائيل في يوليو / تموز 2006 من أن الحزب الآن أقوى من إسرائيل، وصف الإسرائيليين للحزب بأنه جيش ليس جديدا.
وسبب هذا الوصف أن الحزب يملك أسلحة ثقيلة متطورة ، وقادرة على الحركة خلال القتال ، وتجلت فاعلية تلك الأسلحة في حرب 2006 التي دمر فيها مقاتلوه عشرات دبابات الميركافا الإسرائيلية ، وأصابوا بارجة إسرائيلية إصابة بالغة ، وقصفوا العمق الإسرائيلي بآلاف الصواريخ . الأمين العام للحزب قال إنه أقوى من إسرائيل، والضابط الكبير يقول إنه في المرتبة الثانية بعدها في القوة . وقلة متخصصة مطلعة لديها القدرة على الحكم أي الطرفين أقوى .
ورأينا أن المقارنة بينهما يجب ألا تكون حسب المعايير المألوفة بين الجيوش النظامية ، وهي العدد ونوعية السلاح ووفرته ومستوى التدريب ، وما يتصل بهذه المعايير من أحوال البلاد مجتمعا واقتصادا وسياسة، والمعروف أن موقع بيزنس انسايدر المتخصص في تصنيف الجيوش استثني الجيش الإسرائيلي في تصنيف 2018 من الجيوش العشرة الأقوى في العالم ، وصنف الجيش التركي ثامنا ، والجيش المصري عاشرا، ومهما كان نصيب حزب الله من صفات الجيوش النظامية كبيرا فإنه يظل في أسلوب قتاله أقرب كثيرا إلى أسلوب قتال المنظمات المسلحة . وهذا أحد مصادر قوته التي أعجزت الجيش الإسرائيلي، ودفعته إلى الإكثار من التدريبات التي تحاكي القتال معه.
ومن مصادر قوته الأخرى نوعية قيادته ممثلة في سماحة الشيخ حسن نصرالله، إنه قائد حقيقي بكل ما تحوية كلمة “قائد” من معان متنوعة: ففيه الوعي العميق الصحيح بخطورة إسرائيل على الأمة العربية والأمة الإسلامية، وفيه بعد النظر، والقدرة العالية على وزن الأمور وزنا صحيحا دقيقا ، وفيه الإخلاص المطلق لأمته، وفيه الشجاعة الحازمة، وفيه الفصاحة وقوة البيان القادرتان على الإقناع والتأثير بمنطق لا تدحض حججه، وهاتان الصفتان، الفصاحة وقوة البيان، ما حازهما أو دنا منهما قائد عربي في العصر الحديث، وغالبية القادة العرب أقرب إلى العي والفهاهة، وأغنى بالجهل اللغوي العنيد المستعصي ، ومجمل صفاته الرائعة وجهت النائب البريطاني جورج جالاوي إلى القول إنه السياسي الوحيد الذي يحترمه في العالم العربي، ومن مصادر قوة الحزب الأخرى: تربية مقاتليه تربية دينية تفعمهم حماسة وإيمانا بعدالة ما يقاتلون من أجله، والتدريب الشاق المتقن ، ونظام استخباري متطور يراقب العدو مراقبة لصيقة في كل شئونه .
ويطرح اعتبار العدو لحزب الله القوة الثانية في المنطقة بعد إسرائيل العديد من الأسئلة التي يكفي بعضها لرج بعض الدول العربية من جذورها، وأكبر هذه الأسئلة: كيف استطاع حزب صغير يكتنفه الأعداء الأقوياء الخطرون من كل جانب أن يكون القوة الثانية في المنطقة ؟! كيف تبددت مصادر القوة المتنوعة في دولتين عربيتين كبيرتين مثل مصر والسعودية؟! كيف صار حزب الله أقوى من إيران التي تسلحه وتموله ؟!
جواب السؤال الخاص بمصر والسعودية كفيل بأن يضيق الخناق عليهما ، وينجم عنه سؤال آخر: كيف صغرتا حتى صارتا تبيعا لإسرائيل تستجديان رضاءها؟! أليس في مستوى القوة العالية التي بناها حزب صغير درس مستفاد لهما ولغيرهما من الدول العربية التي تتساقط في مهانة وتعاسة على قدمي إسرائيل وقدمي أميركا؟! الفرق بين هذه الدول وحزب الله منبعه الفرق في القيادة والتوجه، قيادات هذه الدول ليس لديها الدرجة الدنيا من مؤهلات القيادة، وهي لا تعادي إسرائيل وإن زعمت عداوتها لشعوبها، وهي تعادي حزب الله عداوة لا لين فيها، وتلح على إسرائيل، وبعضها يمولها للقضاء عليه، لا أحد يجني من الشوك عنبا.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/08/25