فلترفضوا عروض نصرالله... لكن كونوا كدولة السبعينيات!
ناصر قنديل
– امتلأت القنوات والصحف المموّلة خليجياً في لبنان وخارجه بالحملات التي تستهدف الكلام الوارد في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول استعداد إيران لتقديم شبكة دفاع جوي وتسليح متطوّر للجيش اللبناني ما يجعله أقوى جيوش المنطقة، إضافة لما قاله عن حلول ممكنة وغير مكلفة وسريعة لملفات الكهرباء والطرق والدواء بمعونة إيرانية بأكلاف مخفضة وسداد ميسّر. والحملات تركزت على توصيف عروض السيد نصرالله بمحاولة إلحاق لبنان بإيران.
– إذا كان من مكان للمنطق بعيداً عن سخافات التعليقات الفارغة، فلنبدأ من اعتبار كلام السيد نصرالله تحفيزاً لكل طرف أن يطرح عروضه التي تحقق حلولاً يريدها لبنان، مستخدماً علاقاته كما فعل السيد نصرالله، فما نريد سماعه من القوات اللبنانية وتيار المستقبل هو أنهم بعلاقاتهم بالسعودية والإمارات وفرنسا وأميركا مستعدّون لتأمين تمويل سعودي ميسّر لشراء شبكة دفاع جوي فرنسية بسعر مخفض تعبيراً عن محبة وعطف وحرص كل من الدولتين على لبنان والأخذ بموقع ومكانة حلفائهما فيه، وليفقأوا عندها حصرمة في عيوننا، ولا تزال حكاية الهبة السعودية لثلاثة مليارات لصفقة فرنسية لتسليح الجيش حيّة في الذاكرة، وكيف أوقفها الإسرائيلي في العاصمتين، الرياض وباريس، وإن كان كلامنا افتراء فاقبلوا التحدي الرياضي وأعيدوها، ولتكن لشراء شبكة دفاع جوي فرنسية ولا للالتحاق بإيران يا سادة السيادة!
– فليعلن المعترضون بدائلهم من نوع حلّ عاجل وغير مكلف للكهرباء، ومثل «شم الهوا»، كما وصف السيد عرضه، أو ضعوا عرض السيد أمام التحدي، وعندكم صداقة الإمارات للتمويل وصداقة الأميركيين والأوروبيين للتجهيز، هاتوا بديلكم أو فتحدّوا بلغة وطنية سيادية عرض السيد إن كنتم سياديين، وإلا فعليكم قبول الطعن بادعاءاتكم السيادية مرة، وبادعاءاتكم بخطط النهوض مرتين، لأنها لن تمرّ مثل «شم الهوا» كما تظنون وفيها أكلاف عالية وأعباء ثقيلة ومرابح ومكاسب وتلزيمات بالتراضي وشركات أنشئت للخصخصة، ووكالات لشركات أجنبية تسجل في كل مجال نصت قروض سيدر عليه.
– ليس مطلوباً أن تذهب الحكومة إلى إيران، لكن بالحد الأدنى أن تكون سيادية بمستوى حكومات السبعينيات، التي كنا نتّهمها بالتبعية، وحكومات اليوم تتشدق بالسيادة، ونتذكر أنه في حكومات السبعينيات عرفنا صفقات شراء لشبكة دفاع جوي فرنسية من طراز كروتال، وعرفنا صفقات أسلحة من روسيا، ولم تخشَ الحكومات يومها غضب أميركا، ولم ترتهن كحكومات اليوم للقرار الأميركي بأن يكون لبنان دون كل دول العالم ممنوعاً عليه أن يشتري السلاح من غير المصادر الأميركية المحكومة بالفيتو الإسرائيلي، وأن يرضخ، وأن يبقى مسؤولوه يتحدثون عن السيادة.
– مشكلتكم أيتها السيدات والسادة أنكم أحسستم بعريكم من ورقة التين السيادية مع التحدي الذي أطلقه السيد نصرالله بوجه ادعاءاتكم الفارغة، هاتوا بدائلكم وأثبتوا سياديتكم. تشبّهوا بحكومات السبعينيات المنقوصة السيادة، ونقبل اعتراضاتكم، فالأجواء المنتهكة هي الأجواء اللبنانية وتاريخ الانتهاكات سابق لوجود المقاومة ومهمة على جدول الأعمال المتعاقبة، والمساعي الدبلوماسية فشلت في وقفها منذ سبعة عقود، والطريق الوحيدة هي شبكة دفاع جوي، هاتوها ومن أي مصدر قبل أن تفتحوا أفواهكم، أو قولوا إنكم تفضلون العيش في الزمن الإسرائيلي اليوم جواً وغداً بحراً وبعد غد براً، كي لا يغضب الأميركي، وتخلّوا عن أكذوبة السيادة، أو فلتصمتوا!
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/02/08