العراق أمام تحدّي مواجهة الاعتداءات الصهيونية وفرض سحب القوات الأميركية
حسن حردان
الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على قواعد قوات فصائل المقاومة العراقية… الحشد الشعبي… بغطاء وتسهيل من القوات الأميركية وتصدي قوات الحشد الشعبي لطائرة صهيونية مسيّرة… ومن ثم تطوّر هذه الاعتداءات باستهداف قيادات من الحشد الشعبي… كشفت حقيقية أهداف الولايات المتحدة الأميركية التي عادت وأرسلت قوات عسكرية إلى العراق، بعد هزيمتها وهروبها منه عام 2011، بذريعة مساعدة العراق على مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، الذي صنعته ليشكل حصان طروادة أميركي للثأر من فصائل المقاومة العراقية التي كانت وراء هزيمتها، والعمل على إعادة إخضاع العراق بالتوازي مع حربها الإرهابية في سورية بهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية المقاومة وصولاً إلى محاصرة المقاومة في لبنان وقطاع غزة والعمل على القضاء عليها ليسهل بعد ذلك عزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخنقها واستطراداً العمل على إسقاط نظامها الثوري التحرري…
هذه الاعتداءات المتصاعدة تأتي بعد أن نجحت قوات الحشد الشعبي في القضاء على تنظيم داعش وإحباط المخطط الأميركي وشعور واشنطن وتل أبيب أنهما عشية هزيمة جديدة في العراق… الذي أصبح توازن القوى فيه لمصلحة فصائل الحشد الشعبي والقوى الوطنية الرافضة لاستمرار وجود القوات الأميركية التي ليس لها من مبرّر للبقاء بل انّ وجودها بات عامل تخريب للاستقرار وحياكة المؤامرات والفتن بين العراقيين والتحريض على فصائل الحشد الشعبي… وهي تستند في ذلك إلى بعض الأدوات التي زرعتها داخل مؤسسات الدولة العراقية العسكرية والأمنية وكذلك بالاستناد إلى بعض القوى والشخصيات التي نمت وترعرعت خلال الاحتلال الأميركي للعراق بين 2003 و2011…
لماذا تدخل إسرائيل مباشرة على خط الاعتداء على العراق؟ وما هو السبيل لاستعادة سيادة العراق المنتهكة أميركياً وصهيونياً؟
من دون شك أنّ إسرائيل تنظر بقلق بالغ لتطورات الوضع في العراق بعد نجاحه بهزيمة تنظيم داعش الإرهابي وبالتالي فشل الخطة الأميركية الإسرائيلية لمنع العراق من السير في طريق التحرّر من التبعية للولايات المتحدة وبالتالي تحوّله ليصبح جزءاً من محور المقاومة الذي أصبح جبهة موحدة توفر الدعم القوي لحركات المقاومة الفلسطينية في صراعها المستمرّ مع كيان الاحتلال الصهيوني… وبالتالي إحباط المخططات الهادفة إلى تصفية قضية فلسطين عبر صفقة القرن التي ولدت ميتة وباتت إمكانية تنفيذها مستحيلة نتيجة انتصارات محور المقاومة… من هنا فإنّ حكومة العدو الصهيوني تشعر بأنّ العراق إذا ما تحرّر بالكامل من السيطرة الأميركية سيصبح قوة كبيرة ومهمة إلى جانب سورية وإيران ما يعني توجيه ضربة قاصمة لأهداف الغزو الأميركي الغربي للعراق الذي كانت إسرائيل تقف وراء التشجيع عليه في سياق مخططها لتحويل العراق إلى قاعدة أميركية إسرائيلية لإخضاع سورية وعزل إيران… لهذا كله بدأت تل أبيب وبالتنسيق مع واشنطن تنفيذ خطة سياسية أمنية وعسكرية تستهدف شيطنة الحشد الشعبي وتصويره على أنه قوة إيرانية وليست عراقية… على غرار الحملة التي استهدفت المقاومة في لبنان… وطبعاً هدف هذه الخطة ضرب القوة العسكرية للحشد الشعبي عبر عمليات أمنية وهجمات الطائرات المسيّرة التي تتلقى التسهيلات والمعلومات الأمنية عن مواقع الحشد وقيادته من الاستخبارات الأميركية التي باتت متغلغلة في العراق من خلال السفارة الأميركية التي تملك جيشاً أمنياً وكذلك من خلال القواعد العسكرية التي جرى إقامتها بحجة محاربة داعش… كما تستهدف هذه الخطة الأميركية الإسرائيلية تعزيز القوى والفاعليات العراقية التي ترتكز إلى الدعم الأميركي لمحاصرة تنامي النفوذ السياسي للحشد الشعبي بعد أن لعب دوراً رئيسياً في إلحاق الهزيمة بداعش… وطبعاً واشنطن لا تريد أن تظهر في الصورة حتى تتجنّب نقمة العراقيين ضدّها ولهذه اتفقت مع تل أبيب على أن تتولى الأخيرة تنفيذ الاعتداءات على الحشد الشعبي… وهي سارعت إلى نفي علاقتها بذلك بعد اتهام الحشد القوات الأميركية بتسهيل دخول الطائرات الصهيونية المسيّرة وتمكينها من تنفيذ اعتداءاتها…
انطلاقاً من ذلك فإنّ مواجهة هذه الحرب الأميركية الصهيونية على العراق وتحديداً على قوى المقاومة الممثلة بالحشد الشعبي إنما تستدعي خطة مقابلة سياسية وإعلامية وأمنية وعسكرية:
1 ـ سياسياً… توحيد جهود وطاقات كلّ القوى الوطنية الرافضة للهيمنة الأميركية والتي تقف ضدّ العدو الصهيوني وتنصر قضية فلسطين وتعتبرها قضيتها المركزية… وبالتالي تشكيل جبهة وطنية تضع برنامجاً لمواجهة الاعتداءات الصهيونية والردّ عليها ومنع العدو الصهيوني من التمادي في هذه الاعتداءات والعمل على كشف وفضح القوى التي تبرّرها او تقف ضدّ الردّ عليها تحت ذرائع وحجج واهية غايتها جعل العراق مستباحاً لإضعاف مناعته وإعادة إخضاعه للهيمنة الأميركية الصهيونية…
2 ـ إعلامياً: تنظيم حملة إعلامية واسعة لتعبئة الرأي العام حول أهداف الاعتداءات الصهيونية المنسقة مع القوات الأميركية في العراق وكشف الوثائق والاتصالات التي تثبت ذلك وكذلك دور بعض العناصر العراقية الأمنية والعسكرية في التآمر على سيادة واستقلال وأمن العراق والعراقيين…
3 ـ أمنياً: العمل على مواجهة التغلغل الأمني الخطير للاستخبارات الأميركية وكذلك الاختراقات التي أحدثتها في داخل العراق ومؤسسات الدولة لتنفيذ مخططاتها التخريبية والنيل من فصائل الحشد الشعبي…
4 ـ عسكرياً: العمل على خلق موازين قوى تفرض نزع الشرعية عن وجود القوات الأميركية في العراق وإجبارها على الانسحاب، أو مواجهة مقاومة عراقية تجبرها على الرحيل على غرار ما حصل عام 2011، وبالتالي إلغاء الاتفاقية الأمنية الأميركية العراقية التي تشكل تشريعاً للتدخل الأميركي في شؤون العراق والقيام بعمليات تخريبية ضدّ قواه الوطنية المقاومة الرافضة للهيمنة الأميركية… على أنه يجب أن يأخذ بالاعتبار انّ واشنطن لم تعد إلى العراق كي تنسحب منه… وانه قد يكون من الضروري ان يقترن الضغط السياسي لرفع الغطاء عن وجود هذه القوات مع عودة عمليات المقاومة العراقية لجعل استمرار بقائها مكلفاً لواشنطن وبالتالي دفعها إلى تسريع رحيلها عن العراق… فالعراق لن ينعم بالسيادة والاستقلال الحقيقي والأمن والاستقرار وصولاً إلى إعادة بناء اقتصاد تنموي مستقلّ… ما لم يتحرّر من احتلال القوات الأميركية الذي يستتر وجودها على الأرض العراقية بموافقة الحكومة العراقية….
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/08/28