التطبيع نتاج العرب الضعفاء ودحره مهمة العرب الأحياء
د. عصام نعمان
للتطبيع مع العدو الصهيوني أسباب ثلاثة: أولها تعدّدية المجتمع العربي وتفككه الى عشائر وقبائل وطوائف واثنيات ما ادى الى توليد منظومات حاكمة ضعيفة، متحاربة ومتحكّمة. ثانيها تبعية المنظومات الحاكمة لقوى خارجية مقتدرة وطامعة. ثالثها افتقار المنظومات الحاكمة لعقائد وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية هادفة الى البناء والإعمار والإنماء؛ الامر الذي جعل الغرض الرئيس للحكام في بلاد العرب السلطة والبقاء فيها أياً كان الثمن او التكلفة.
هكذا ظلّت البلاد والعباد في حالٍ من التخلّف مزمنة ومتمادية ما ساعد القوى الخارجية الطامعة في اوروبا واميركا على غزوها وترسيخ سيطرتها واستغلالها لمرافقها ومواردها. وعليه، لم يكن صعباً على العالِم الاقتصادي المصري شارل عيساوي الاستنتاج بأنه “كان من المألوف، لما يقرب من ألف عام، ان يكون الحكام في الشرق الأوسط (الإسلامي) من أصول أجنبية (راجع كتابه “تأملات في التاريخ العربي”، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية: بيروت كانون الثاني/ يناير 2019).
نحن ما زلنا في حال مزرية من التخلّف والرضوخ، بدرجات متفاوتة، للقوى الخارجية ما يستوجب نهوض العرب الأحياء بلا إبطاء بثورة ثقافية لتخليق وعي عميق بقصورنا وتقصيرنا وبضرورة التمرّد على المنظومات الحاكمة المستبدة والتابعة للقوى الخارجية الطامعة، وبإلحاح الحاجة الى التزام المقاومة، المدنية والميدانية، سبيلاً الى الانعتاق من معوّقات تحررنا ونهوضنا.
في غمرة هذه المقاومة اليومية والاستراتيجية في آن، يستطيع العرب الأحياء ليس دحر حملة التطبيع مع العدو الصهيوني فحسب بل الانتصار أيضاً على التحديات التاريخية المتمثلة بالتخلّف والتبعية والاستتباع، والانطلاق أحراراً في مسار الوحدة والنهضة والبناء والفعل الحضاري.
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2020/05/14