السنوار يُهَدِّد باستِئناف العمليّات القِتاليّة وبينيت يتوعّد باجتِياح القِطاع.. فمَن سيُطلِق الصّاروخ الأوّل.. ومتى؟
عبد الباري عطوان
كُنّا نعتقد أنّ الحرب الأخيرة على غزّة ستكون مُختلفة عن سابِقاتها، من حيث التوصّل إلى “تفاهماتٍ” بهُدنة طويلة تقود إلى حلٍّ سياسيّ، ورفع كامِل للحِصار وإعادة سريعة للإعمار، وتحسين الظّروف المعيشيّة لأكثر من مليوني إنسان مسجونين داخِل قفص القِطاع المُزدحم، ولكن يبدو أنّ جميع المُؤشّرات الحاليّة تُوحِي بعكس ذلك، وأنّ احتِمالات العودة للحرب ما زالت كبيرة لدى الطّرفين الرّئيسيين.
السيّد يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قِطاع غزّة، هدّد اليوم بالعودة إلى العمليات القتاليّة بعد اجتماعه الفاشِل مع المبعوث الدّولي الذي لم يحمل إليه أيّ جديد، أمّا نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، فيُريد أن يُثبِت أنّه أكثر يمينيّةً وتَطرُّفًا من خصمه نِتنياهو وطريقه الوحيد لتحقيق هذا الهدف إشعال فتيل الحرب مُجَدَّدًا، وتحريض المُستوطنين من أنصاره على المزيد من المُسيّرات والاقتِحامات لباحة المسجد الأقصى، بحِماية الجيش مثلما حدث اليوم الاثنين.
***
حُكومة بينيت هشّة تعتمد في بقائها على أغلبيّة من نصف صوت في الكنيست، ولا بُدّ أنّ تبحث عن أصوات بديلة للأصوات الأربعة للقائمة العربيّة المُوحَّدة إذا أرادت الاستِمرار هذا لا يُمكِن أن يتأتّى إلا بالحرب.
تهديد بينيت باجتِياح قطاع غزّة مُجَدَّدًا هو اعتِراف صريح بهزيمة جيشه في حرب الأيّام الـ 11 الأخيرة، والإقدام على مُحاولة محو آثارها المُهينة بعَملٍ عسكريّ أكثر شراسة، وربّما يبحث حاليًّا عن “ذريعة” لإرسال طائراته ودبّاباته لخوض الحرب مُجَدَّدًا، وهذا ما يُفَسِّر تمديده للجِنرال افيف كوخافي رئيس هيئة الأركان لسنة أُخرى في منصبه.
عودة البالونات الحارقة التي تَنطلِق بكثافةٍ، وبصُورةٍ أكثر فاعليّة، باتّجاه مُستوطنات غِلاف قِطاع غزّة هذه الأيّام، وتُشعِل الكثير من الحرائق في المزارع (25 حريقًا حتّى الآن) باتت تُشَكِّل قلقًا وإحراجًا للحُكومة الإسرائيليّة الجديدة، ولا نَستبعِد تصدرها، أيّ البالونات الحارقة الاختِراع الفِلسطيني المُعجزة، جدول أعمال مُباحثات الوفد الأمني الإسرائيلي الذي يزور القاهرة حاليًّا.
من المُستَبعد أن ينتظر السيّد السنوار الذي كان يتطاير شرَر الغضب من عينيه وهو يَصِف لقاءه بالمبعوث الدّولي بالفشل الكبير، أن تأتي الضّربة الأُولى في الحرب المُقبلة من بينيت والجِنرال كوخافي، فالذي أطلق الصّاروخ الأوّل في حرب “سيف القدس” لن يتَردَّد في إعادة الكرة مرّةً أُخرى، قصف تل أبيب وحيفا وبئر السّبع وعسقلان وأسدود، ولا ننسى القدس المُحتلّة ومُستوطناتها بصواريخ أكثر حداثةً، فالخير كثير، والمخازن تحت الأرض طافحة.
الجِنرال كوخافي الذي “يتَعكّز” عليه بينيت، ويُمَدِّد له مهامه في موقعه، هو الذي قادَ جيش الاحتِلال في حرب غزة الأخيرة، ومُنِي بهزيمة مهينة دفعت رئيسة السّابق نِتنياهو للاستِنجاد بالرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النّار بعد أن نفّذت منظومات قببه الحديديّة من صواريخها بعد إطلاق الأربعة آلاف صاروخ الأولى، فما الجديد المُتبقّي في جُعبته، وماذا يستطيع أن يفعل في الحرب المُقبلة التي ستكون أكثر شراسةً وأحدث صواريخها، وتَكشِف عن طائرات مُسيّرة وأسلحة أُخرى، وضفادع بشريّة أكثر تطوّرًا؟
***
قيادة فصائل المُقاومة في قِطاع غزّة بزعامة السيّد السنوار وشريكه محمد الضيف رئيس هيئة أركان كتائب القسّام لن تقبل بتِكرار السّيناريوهات نفسها في جميع حُروب غزّة السّابقة، أيّ وقف إطلاق النّار مرفوقة بتعهّدات بالإعمار والتّهدئة، ورفع كامِل للحِصار، ثمّ لا تنفيذ على الإطلاق وبقاء دار أبو سفيان “الغزّاويّة” على حالها، جُوعٌ وحِرمانٌ ومعابر مُغلَقة، وبطالة.
صواريخ المُقاومة جاهزة، مرفوعة الرّأس، تنتظر الضّوء الأخضر للانطِلاق باتّجاه مطار تل أبيب وبديله رامون في النّقب، وباقي المُدن الاستيطانيّة الأُخرى، وهرولة ستّة ملايين يهودي إلى الملاجئ طلبًا للسّلامة.
الحرب الجديدة إذا اندلعت ستَسقُط حُكومة بينيت، ولن تُعيد نِتنياهو إلى السّلطة، وستَخلِق حالةً من الفوضى والانهِيار غير مسبوقة في الدّولة العبريّة.. والأيّام بيننا.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2021/06/22