العراق بين سندان السياسة و مطرقة داعش
عبدالوهاب جابر جمال ..
هذا هو العراق ، وكأن الأقدار شاءت أن لا يتعافى وتقوى إرادته ، فعلى الرغم من جراحة التي بدأ بتضميدها (إثر الضربات التي تلقاها من عصابات داعش الإرهابية ، وبات يتقدم ببركة رجال المقاومة في الحشد الشعبي ويحرر مناطقه التي استولت عليها داعش) .
فجأة انتقل العراق لأزمة سياسية حادة شعارها المرفوع هو “محاربة الفساد ورفض المحاصصة” ، وبدأ كل تيار “سياسي” أو “عائلي” بالعمل وفق أجنداته لكسب أكثر مكاسب له ولحزبه وتياره من خلال آلاف الأنصار .
ففجأة بدء البعض بالعمل لتهييج الشارع كما هو حاصل من قبل قيادات التيار الصدري وفق ما يرونه من مطالب و استحقاقات يريدون تطبيقها من خلال تحركات ميدانية واعتصامات غير مدروسة .
وبعد شد وجذب وبتصريح “شديد” من زعيم هذا التيار هاج مؤيدوه وانطلقوا إلى داخل المنطقة الخضراء (وهي المنطقة التي أنشأتها القوات الأمريكية بعد غزوها للعراق عام 2003 في وسط بغداد ، وتعد أكثر المواقع العسكرية تحصيناً وهي مقر الدولة والبرلمان، إلى جانب احتوائها على مقر السفارة الأمريكية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أخرى ) .
ولم يكتفي المتظاهرون من دخول المنطقة الخضراء فحسب بل استمروا إلى أن قاموا باقتحام البرلمان واحتلاله ومحاصرة مكاتب الرئاسات بصورة أقل ما توصف بأنها صورة همجية .
هنا يجب أن تتضح نقطة ، نعم العراق بحاجة إلى إصلاحات ومناطقه بحاجة للخدمات الأساسية وغيره وهذا ما كانت تدعوا له المرجعية منذ أشهر طويلة دون وجود أذن صائغة لها، لكن هل الإصلاح لا يأتي إلا بهذه الصورة التي يدعوا لها “التيار” ؟!
هذا التيار الذي يمتلك عشرات النواب و الوزراء وبعضهم انغمس بالفساد حاله كحال الكثيرين !
نعم يحق لأي تيار سياسي أن يطالب بما يريد وفق القوانين المسموح بها لكن هناك عدة علامات استفهام تدور في أذهان الناس ، من شأنها أن تشوه وتشكك بكل هذه التحركات ومنها :
١- إلا تعي قيادة التيار الصدري أن تحركهم هذا يصب في خانة إضعاف الحكومة ويشغلها عن مواجهة “خطر داعش” ؟!
٢- هل تناسوا أن هناك أولويات يجب أن يسيروا بها للمطالبة بما يريدون خصوصاً وأن تحرير العراق الآن مقدم على غيرها ؟!
٣- أين أبناء التيار الصدري منذ سنوات لماذا أتى تحركهم بهذا التوقيت بالذات ، بعد أن تمتعوا كغيرهم بفساد سياسييهم ؟!
٤- لماذا تزامن اقتحام المجلس بعد يوم واحد من زيارة نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) المفاجئة للعراق فهل لزيارته ارتباط بما يحصل ؟!؟
٥- أين هذه الآلاف عن جبهات قتال داعش ؟!؟ لماذا لا يلتحقون ويتطوعون للإلتحاق بالحشد الشعبي و الجيش العراقي لمقاتلة داعش ؟!
فللأسف أقول أن العراق بات بين سندان السياسة و مطرقة داعش والخاسر الوحيد هو الشعب فعلى السياسيين بكافة انتماءاتهم العودة لرشدهم و إتباع المرجعية والعمل لمصلحة العراق لا مصلحة تياراتهم وأحزابهم .
أضيف بتاريخ :2016/05/01