قوّات بريطانية إلى المهرة: «الحرب البحرية» ذريعة لتوسيع الاحتلال
رشيد الحداد
أثار وصول قوّات بريطانية إلى محافظة المهرة اليمنية، بدعوى تتبّع مهاجِمي السفينة الإسرائيلية «ميرسر ستريت»، ردود فعلٍ ساخطة في المحافظة التي لا تزال تكافح، وإن «بهدوء»، لإنهاء التواجد السعودي - الإماراتي فيها. ولم يكد يُعلَن قدوم تلك القوات، حتى بدأت «لجنة الاعتصام» التي قادت حراكاً مضادّاً ضدّ الرياض وأبو ظبي، تحرّكات مناهِضة لخطوة لندن، في وقت توعّد فيه زعيمها، سالم الحريزي، بالتصدّي لـ«الغزاة الجدد»
صنعاء | أعاد وصول قوّات بريطانية إلى محافظة المهرة اليمنية، قبل أيّام، تحت ذريعة ملاحقة مهاجِمي سفينة «ميرسر ستريت» الإسرائيلية قبالة سواحل عُمان في 29 تموز الماضي، إلى أذهان اليمنيّين، التدخّلات السابقة لهذه الدولة في بلادهم تحت ذرائع مشابهة، والتي تمتدّ جذورها إلى أواخر العام 1839، حيث اتّخذت بريطانيا من حادثة جنوح السفينة «داريا دولت» في سواحل ميناء عدن، ذريعةً لاحتلال جنوب اليمن قرابة 129 عاماً. وعلى مدى العامين الماضيين، روّجت لندن، بشكل مكثّف، لحوادث تعرّضت لها سفنٌ في سواحل اليمن الشرقية، يُنظر إلى بعضها على أنّه مفتعل. ففي 17 أيار الفائت، أعلنت «هيئة عمليّات التجارة البحرية البريطانية» تعرُّض سفينة شحن تجارية لهجوم بالقرب من ميناء المكلا، من دون أن تُقدّم دليلاً على ذلك. وفي الخامس من كانون الأول 2020، قالت شركة «أمبري إنتيلجانس» الاستخباراتية البريطانية البحرية أن سفينة شحنٍ ترفع علم سيراليون، وتحمل اسم «حسن»، تعرّضت لهجوم إرهابي في سواحل قشن في محافظة المهرة، عندما كانت في طريقها إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان. واللّافت، في كلّ تلك الحوادث، أنّه دائماً ما يُعلَن عقب الإفادة عنها أنّ «السفينة وطاقمها بخير، ولم يصابا بأيّ أذى».
إزاء ذلك، مصدر في «لجنة الاعتصام السلمي» التابعة لقبائل المهرة الرافضة للوجود الأجنبي في المحافظة، في حديثٍ إلى «الأخبار»، أنّ الحادث الذي تعرّضت له سفينة «ميرسر ستريت» لم يكن في سواحل المهرة بل في ساحل سلطنة عمان. ويورد المصدر روايةً مغايرةً لحادث الهجوم على سفينة الشحن في أيار 2020، إذ يلفت إلى أنّه «وقع في منطقةٍ تتوسّط منطقتَي قشن ونشطون، وهو كان مدبَّراً من قِبَل جهات استخباراتية دولية». ويضيف أن «منفّذي الهجوم فرّوا أمام أعين قوات خفر السواحل السعودية»، من دون أن يستبعد «أن يكونوا أصلاً تابعين للقوات السعودية المتواجدة في ميناء نشطون». وبمعزل عن صحّة تلك الرّواية، فإن المصدر يعتبر أن «الأدلّة تفيد بأن وراء كلّ حادثة سفن مفتعلة أو مزعومة في سواحل المهرة هدفاً للاحتلال»، مشيراً إلى أن
«القوات السعودية زعمت، مطلع آذار 2020، إحباط هجومٍ استهدف ناقلة نفط في بحر العرب بأربع زوارق مفخّخة يتمّ التحكّم بها عن بعد جنوب شرق ميناء نشطون، وهو الميناء الرئيس لمحافظة المهرة»، متابعاً أن «تلك الحادثة التي قال التحالف أنها تُمثّل تهديداً بحرياً لأمن الطاقة العالمي وطرق المواصلات البحرية والتجارة العالمية للسفن، كانت مفتعلة من قِبَل القوات السعودية، واستُخدمت كذريعة للسيطرة على ميناء نشطون وطرد القوات الحكومية التي كانت مرابطة هناك»، ليتمّ بعد ذلك بأيامٍ إنزال قوات بريطانية وأميركية في الميناء، ونقلها تحت حراسة مشدّدة إلى مطار الغيضة الدولي، الذي أصبح وسط الاحتلال السعودي للمهرة قاعدة عسكرية سعودية - أميركية مشتركة.
سالم الحريزي: نحن لم نرَ أيّ إيراني في المهرة التي تتواجد فيها قوات سعودية محتلّة
وفي ظلّ صمت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، ذهبت بريطانيا بعيداً قبل أيام، بإنزالها قوات في محافظة المهرة بدعوى ملاحقة مَن قالت إنهم «عناصر إيرانيون» هاجموا سفينة «ميرسر ستريت» في سواحل المهرة، ليأتي الردّ من وكيل المحافظة السابق، رئيس «لجنة الاعتصام»، الزعيم القبلي سالم الحريزي، الذي وصف التدخّل العسكري البريطاني الأخير في المحافظة بـ«الاحتلال». وسخر الحريزي من المزاعم التي ساقتها بريطانيا لتبرير إرسال عشرات الجنود من قوّاتها الخاصة، قائلاً «نحن لم نرَ أيّ إيراني في المهرة التي تتواجد فيها قوات سعودية محتلّة». واتّهم لندن باللجوء إلى حجج مفضوحة لتنفيذ أجندتها الاستعمارية في شرق البلاد، محذّراً إيّاها من «تداعيات هذه الحماقة كون اليمن لم يعد في العام 1950». وأكّد أنّه «كما لم نسمح للإمارات بالتواجد في المحافظة، ولم نسمح للسعودية بمدّ الأنبوب النفطي التابع لها فيها، فلن نسمح لأيّ غازٍ أجنبيّ بالبقاء في أرضنا». وأشار إلى أنّ «بريطانيا كان لديها ثمانية ضباط في مطار الغيضة، وتمّت المطالبة من قِبَل أبناء المهرة بإجلائهم، وكانوا يعملون مع القوات السعودية المحتلَة، ولكن تَبيّن أن البريطانيين لديهم مشروع لاحتلال المحافظة»، مضيفاً أنّ «لدى لجنة الاعتصام قاعدة شعبيّة كبيرة، وسندافع عن أراضينا بكلّ ما نملك، والسعوديون يدركون هذا الكلام». ودعا الحريزي القوات البريطانية إلى الرحيل بشكل فوري، مهدّداً بـ«أننا حتى الآن ملتزمون بالسلمية، وإذا فُرض علينا القتال سنقاتل»، متّهماً التحالف السعودي بـ«جلب الدمار إلى المهرة وتحويلها إلى ساحة للصراعات الدولية». وفي الاتجاه نفسه، عَقد الحريزي، أمس، اجتماعاً استثنائياً لـ«لجنة الاعتصام»، ناقش وصول القوات البريطانية، واتّهم حكومة هادي بالتفريط بالسيادة الوطنية، فيما نظّم عشرات الناشطين حملةً إعلاميّة تحت وسم «#احتلال_بريطاني_بالمهرة».
غواصّة إسرائيلية في البحر الأحمر
أفاد موقع «نورنيوز» الإخباري المقرّب من مجلس الأمن القومي الإيراني بأن غواصة إسرائيلية من طراز «دولفين» تسلّلت، الأربعاء الماضي، خلسةً إلى مياه البحر الأحمر، ترافقها سفينتان عسكريتان عبَرَتا قناة السويس. وقال الموقع، نقلاً عن مسؤول إيراني رفيع المستوى، قوله، إن هذه الخطوة «التصعيدية» تأتي بعد ما وصفه بـ«فشل مسرحية تل أبيب الهادفة إلى تأزيم الوضع ضدّ إيران... وخلق أجواء متوتّرة بعد حادث السفينة في خليج عُمان»، في إشارة إلى اتّهام طهران بالهجوم على سفينة «ميرسر ستريت»، الذي قُتل فيه شخصان، بريطاني وروماني. واعتبر المصدر أن «هذا التحرّك يُظهر أن حكومة الكيان فشلت في تشكيل إجماعٍ دولي ضدّ إيران، لذلك يبدو أن (رئيس الحكومة الإسرائيلية) نفتالي بينت يتبع خطوات نتنياهو في سلوكياته العدوانية».
جريدة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2021/08/11