التفاوض مع الشيطان
بعد فوز الرئيس الإيراني الحالي الشيخ حسن روحاني المنتمي للتيار الإصلاحي مباشرة، اعتقد سياسيو العالم أن العلاقة مع واشنطن بدأت تتغير وأن مرحلة العداء بين البلدين قد انتهت بعد أن اشتدت في زمن الرئيس السابق أحمدي نجاد.
واشتد هذا الاعتقاد بعد أن جلست طهران مع واشنطن على طاولة واحدة للحوار بخصوص الملف النووي، فانشغل العالم بسياسييه وكبار محلليه وطرحوا عدة أسئلة منها؛ إلى أين ستصل العلاقة بين هذين البلدين ؟! وهل سيستمر التفاوض لحل كل القضايا العالقة بين البلدين منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ؟ وهل سيتم مناقشة القضايا الإقليمية الأخرى ؟!
وكان الأغلب يتساءل أين ستذهب شعارت (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل) هل انتهى مفعولها ؟
وهنا يجب أن نوضح عدة أمور ومنها:
إن العداء والحرب مع أمريكا ليست مسألة بسيطة عند الشعب الإيراني أو موسمية كي تتغير مع تغير الرئيس بل هي أحد أركان الثورة الإسلامية، ولا يمكن أن تتغير بوصلة العداء مع تغير الرئيس، فمصطلح (الشيطان الأكبر) الذي أطلقه مفجر الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني (رض) لا يمكن مسحه أبداً ما دامت السياسة الأمريكية هي هي ولم تتغير.
وكذلك، أن موضوع التفاوض من عدمه لا يستطيع تحديده رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية أو أي شخص آخر، فالقرار محصور بيد (الولي الفقيه) وهو الذي يعطي الصلاحية للرئيس أو وزير الخارجية للبدء بهكذا فعل أو لا.
وقد أعلنها الولي الفقيه الإمام الخامنئي عدة مرات وآخرها في لقاءه مع القادة قوات البحرية في حرس الثورة الإسلامية بتاريخ ٧ - ١٠ - ٢٠١٥م حيث جدّد موقفه من التفاوض مع أمريكا وقال إنه (محظور) لما يحمله من مضار لا تحصى للجمهورية الإسلامية ولكونه غير مجد، وقال أيضاً إن التفاوض مع أمريكا يعني شق الطريق أمامها للتغلغل وفرض الإرادات.
فبهذه الرسالة وجه الإمام الخامنئي عدة رسائل للداخل والخارج ومنها:
١- أنه لن يسمح بالتفاوض مع أمريكا بتاتاً ورغم أنه سمح بالتفاوض بخصوص الملف النووي إلا أنه لن يسمح بتكرار التجربة مرة أخرى حتى لو كانت تجربة ناجحة.
٢- أنه لا يثق بأمريكا وأنها مازالت كما وصفها سلفه الإمام الخميني (رض) بأنها الشيطان الأكبر ومكرها وخديعتها ما زالت قائمة.
٣- طمأنة الداخل وخصوصاً الحرس الثوري الإسلامي والتيار المحافظ بأن أمريكا مازالت عدو وعليهم الحذر منها والجهوزية التامة لمواجهتها وعدم التساهل معها أبداً.
٤- أن الإيرانيين هم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة وهم من يحدّد مواضيع التفاوض مع أمريكا، فأمريكا ضعيفة وتستمر بضعفها يوماً بعد يوم ولن تستطيع الضغط على إيران.
٥- وجه تطمين لمحور المقاومة؛ بأنه لن يتم التنازل أو التفريط بأي جبهة من جبهات الصراع في مقابل الحصول على حق إيران النووي، ورغم محاولة أمريكا وسعيها لذلك من خلال محاولتها زج تلك الملفات أثناء الحوار لكن الرفض الإيراني كان واضحاً وحازماً.
وبهذا الموقف يتضح أن صاحب السلطة والقوة الأكبر في إيران (الولي الفقيه) ومعه غالبية الشعب لا يزال على موقفه المنسجم مع موقف سلفه في العلاقة مع أمريكا، وان شعار (مرگ بر آمريكا) ما زال شعاراً حيوياً لا يتغير ومازالت أمريكا هي (الشيطان الأكبر) التي لا يرتجى منها خيراً.
الكاتب: عبد الوهاب جمال
أضيف بتاريخ :2015/10/10