الصناعة النفطية في ظروف الاقتصاد الكمي ١ - ٣
عبدالعزيز المقبل ..
الاقتصاد العالمي ومنذ الأزمة المالية في عام ٢٠٠٨ بدأ بتغيير سياساته الاقتصادية بشكل واسع لعل اكبر هذه التغيرات هي العلاقة بين البنوك المركزية والبنوك التجارية، رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لا غارد قالت في آخر اجتماع لمجموعة العشرين :(إن العالم يتطلع إلى المساواة في العمل ومناهضة الحركات المقاومة للعولمة وذلك لن يتم إلا بالإنفاق المالي بشكل أكثر وأوسع).
الحكومات بدورها تشهد تحولات كبيرة في طريقة تعاملها مع الأزمات المالية، فسياسات التقشف المبنية على الحصافة المالية وخفض الإنفاق وربط الأحزمة على الميزانية السنوية لم تعد مجدية، العكس تماما الاقتصادات الكبرى تحولت من الاعتماد على الميزانية السنوية إلى الاعتماد على السياسات النقدية التي تعتمد على الإنفاق حتى أصبحت هذه السياسات النقدية هي التي تحمل عبء النمو، بل إن الشعوب أصبحت تتطلع إلى قرارات البنوك المركزية والخزانة الفدرالية بدلا من انتظار الميزانيات السنوية، ينعكس ذلك حتى على الانتخابات الأميركية فلم نعد نسمع ذكرا للعجز المالي وإنما بدأنا نسمع عن طرق كل مرشح لتحفيز الاقتصاد وكيف أن هذا التحفيز لن يحصل إلا بسياسة الإنفاق.
الهدف من الإنفاق هو خلق بنى تحتية جديدة وسوق عمل جديد ونمو عدد الوظائف وأسواق المال والسندات وأسواق السلع الإستهلاكيه وأسواق التجزئه ومداخيل اكبر للحكومات بالطبع، أما مصدر الأموال التي يتم إنفاقها فهو حتما عن طريق التدين وخفض الضرائب بدلا من جعل الضرائب مداخيل، الصناعة النفطية والتعدين هي الصناعة المثلى لتحقيق أهداف الإنفاق فهي صناعة تتطلب بنية تحتية باهظة الثمن وتتطلب أموالا طائلة كما أنها تخلق أسواق عمل متعددة ووظائف كثيرة وهي أيضا تنعش أسواق المال وتقوم بتدوير السيولة في الأسواق.
لذلك رأينا إنفاقات طائلة من الاقتصادات الكبرى في العالم على دعم الصناعة النفطية لعل الولايات المتحدة الأميركية هي الأكبر نصيبا في الإنفاق على الصناعة النفطية وتحديدا الإنفاق على خلق ثورة النفط الصخري إذ تبلغ كمية الأموال التي ضختها الولايات المتحدة الأميركية تقريبا ٢.٢٥ تريليون دولار أمريكي خلال فترة ثورة النفط الصخري والطفرة النفطية الأخيرة ما بين ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٣. الإقراض لصناعة النفط أصبح سهلا بعد ٢٠٠٨ وهو سبب رئيس لثورة النفط الصخري الأميركية، الإقراض نفسه أصبح الحمل الأثقل بعد نزول أسعار النفط في عام ٢٠١٤ إلى مستويات أدت إلى عدم القدرة على الإيفاء بالحد الأدنى للديون.
أحد أكثر الأعراض التي يسببها الإنفاق أو التسهيل الكمي هو تقلص النمو و هو فعلا ما يحصل للاقتصاد العالمي حاليا، الاستمرار في سياسات الإنفاق يكون في أصعب مراحله عندما يكون النمو العالمي ضعيف، صحيح أن عجز الحكومات ينخفض إلا أن الأموال المستخدمة ليست أموال ربحية وإنما جاءت عن طريق الاستدانة، قد يكون النفط قام برحلة التصحيح إلا أن الكثير من الاقتصاديين والمحللين الماليين يؤكدون أن التصحيح قادم لمعظم الأسواق العالمية لا محالة.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/09/02