واشنطن قد تطيل أمد الحرب لكن نحن مَن يصنع النصر حصراً...!
محمد صادق الحسيني ..
أياً تكن حقيقة التفاهمات الأميركية الروسية المرتقبة وحتى لو تلاعب اليانكي بالتفاصيل أو لم يوقع…!
ومهما حاول الثعلب التركي المراوغ أن يلعب في الوقت الضائع، أو أجاد الرقص على حبال القوى الكبرى والمؤثرة في الميدان السوري لتقصير ليله الطويل وتخفيف مرارة السمّ الذي تجرعه في سورية…!
أمر واحد بات أكيداً ولم يعُد قابلاً للإنكار أو الترديد: عقارب الساعة لن تعود إلى ما قبل حلب وداريا، والزمن هو زمن الدولة الوطنية السورية…
وإنّ خروج أميركا منكسرة من غرب آسيا المستعمرون الغربيون يحبّذون مصطلح الشرق الأوسط بات جزءاً من سِفر النصر الاستراتيجي الإيراني السوري الحزب اللهي المبين…! صحيح أنّ روبرت مالي مقابلته المطوّلة مع مجلة «فورين پوليسي» قبل حوالي أسبوعين ، هو ورئيسه يمكن لهما أن يحاولا إطالة مدة الحرب في سورية، إطالة أمد القتل والدمار، الذي بدأه مهندسو الحروب في الإدارة الأميركية، ضدّ الشعب السوري قبل أكثر من خمس سنوات، وهم يقومون بذلك حالياً عبر أدواتهم الإقليمية الخائبة:
ـ اذ انّ موافقتهم للمخادع أردوغان على إدخال دباباته الى الشمال السوري هو إجراء ضمن محاولات إطالة الحرب.
كما انّ هذا التدخل قد جعل الأداة الصهيوأميركية الثانية، ألا وهي السعودية، تشعر بالعزلة وفقدان المبادرة والتأثير في الميدان السوري، مما جعلها تطلب موافقة السيد الأميركي على إطلاق يد عملائها في سورية لشنّ هجوم على مواقع الجيش السوري في ريف حماه الشمالي، وذلك بهدف استعادة جزء من الحضور في المشهد السوري…
نعم، فإنّ روبرت مالي، ومعه صانعو الموت والدمار من صناع القرار في الولايات المتحدة، يستطيعون إطالة أمد الحرب، ولكنهم لا يستطيعون صناعة أيّ نصر وذلك للأسباب التالية:
أولاً: لأنّ الشعب السوري وحلفاءه مصمّمون على حرمان الحلف المعادي من تحقيق أيّ نصر ومستعدون قبل كلّ شيء لتقديم كلّ التضحيات اللازمة للانتصار على مشاريع روبرت مالي ورئيسه ولو بلغ ما بلغ…
ثانياً: لأنّ روبرت مالي لا يعرف القناعة التي توصل إليها الحاخام الأميركي الأكبر هنري كيسنجر لصناعة الحروب، ألا وهي التي عبّر عنها في مقابلة مع صحيفة «لا ريپوپلكا» الإيطالية قبل حوالي سنتين، عندما سئل عن رأيه في صعود وأفول الإمبراطوريات في التاريخ، حيث أجاب قائلاً:
إنّ سبب أفول الإمبراطوريات هو إفراطها في استخدام القوة وإنفاقها على مشاريعها العسكرية ما يفوق طاقتها الاقتصادية، وتابع قائلاً: وهذا ما تفعله الولايات المتحدة حالياً…
ثالثاً: من هنا فإنّ الولايات المتحدة هي قوة في طور الأفول، قادرة على صنع الحروب بالوكالة، ولكنها غير قادرة على تحقيق انتصارات في الحروب…
رابعاً: يضاف إلى ذلك أنّ أدواتها في المنطقة غير قادرة على ذلك أيضاً لأسباب عدة، وفي طليعتها عدم مقدرة تلك الأدوات على تقديم تضحيات توازي تضحيات الشعوب الحية وقوى المقاومة. انظر تضحيات الشعب اليمني والسوري والعراقي. يضاف إلى ذلك أنّ علائم الإفلاس المالي قد بدأت تظهر على هذه الأدوات انظر عجز الموازنات في السعودية/ قطر وغيرها من مشيخات الخليج …
خامساً: كما أنّ روبرت مالي لم يطلع على ما يبدو على ما قاله الحبر الأميركي الأعظم، هنري كيسنجر، لصحيفة «لا ريپوپلكا» الايطالية يوم 8/1/2016 عندما سئل عن موضوع داعش في سورية حيث أجاب قائلاً: تجب هزيمة داعش وليس التفاوض معها…
بمعنى انه يجب اتخاذ موقف جدي، من قبل الإدارة الأميركية، في محاربة داعش… وليس استخدامها في سبيل تحقيق أهداف جيوسياسية.
سادساً: من هذه المنطلقات، فإنّ الشعب السوري العظيم ومعه حلفاؤه قادرون على تحقيق النصر الكامل والشامل، ليس فقط في جبهات حلب وحماة، وإنما في كلّ سورية.
نصر سيتبعه زوال أدوات أميركا، في العالم العربي، من الوجود مما يعني إنهاء الحلف القائم بين الصهيونية والاستعمار والرجعية العربية منذ مئة عام. وبالتالي فتح الطريق أمام إقامة حكم وطني يوظف إمكانيات الوطن العربي البشرية المالية في بناء مستقبل زاهر لسكان هذا الجزء من العالم وتطوير اقتصاده وجميع أوجه الحياة فيه، بدلاً من إهدار الأموال العامة في تمويل الحروب في المنطقة، كما يفعل آل سعود بحجة مواجهة الخطر الإيراني…
أيّ أنّ زوال الرجعية العربية، المرتبطة بالاستعمار سوف يفتح الطريق أمام استبدال المواجهة بالتعاون في العلاقات العربية الإيرانية لمصلحة الجانبين، وليس لمصلحة الولايات المتحدة وحلف الناتو ومشاريعهم العدوانية التوسعية في العالم…
ختاماً نقول: لا يقلقن احد من بعض أخبار الجبهة السلبية، هنا أو هناك، فهذه معارك تكتيكية وتراجعات قد تبدو مكلفة وكبيرة، لكنها طبيعية في مسارات الحروب الكبرى…
دائماً تذكروا أنّ سورية الحبيبة وحلفاءها النجباء يخوضون حرباً عالمية على مدى سنوات خمس، وهم اليوم قد كسروا التوازن بقوة لمصلحتهم وباتوا سادة الميدان والسياسة ويهلكون ملوكاً ويستخلفون آخرين، على المستوى الدولي…
وأنهم هم الرافعة الحقيقية لصعود الاتحاد الروسي برتبة قوة عظمى، وهم من رموا بطوق النجاة لبوتين في قصره الذي كان مهدّداً حتى الأمس القريب بالقصف النووي…
ثم تذكروا جيداً، كيف كانت القوات السوفياتية تهرب فرقاً كاملة أمام الزحف النازي، وما إن تظافرت عوامل النصر ونظمت الصفوف وبدأ التخطيط السليم والحشد اللازم، فإذا بهم لا يكتفون بكسر الزحف الألماني عند بوابات موسكو، بل ومطاردته حتى يسقط ويهزم في برلين نفسها…
هي السنن الكونية نفسها تتكرّر اليوم سيُسحقون في حلب ويُطردون من حماة ويُلاحقون في إدلب حتى الحدود…!
عالمهم المسكون بالقتل والدمار يأفل، هؤلاء النازيون الجدد، وسيلملمون نفاياتهم الداعشية والنصروية وأخواتهما، وسيذعنون لنصرنا ويوقعون وثيقة الذلّ والانكسار في واشنطن ولندن وتل أبيب والدرعية وأنقرة…!
فيما عالمنا هو الذي يصعد ويصعد ويصعد ويشمخ بقامات البرز وقاسيون والأرز ونهم والعمالقة اليمنيين ويتربع عالياً منصوراً في بلاد ما بين النهرين.
بعدنا طيبين قولوا إن شاء الله…
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2016/09/03