الجانب الخفي في القيادة الصحية
إسماعيل محمد التركستاني ..
كلنا (احتمال) قد اطلع على المقاطع المصورة التي التقطتها كاميرات الجوالات لبعض المواقف التي حدثت مع وزير الصحة، وذلك خلال زيارته للمنشآت الصحية في الحد الجنوبي. طبعا، تلك المواقف أظهرت للجميع بعضا من الجوانب التي يمكن أن تنسب إلى كيفية تعامل القيادات الصحية بتلك المنطقة مع الحالات التي يمكن وصفها بأن هناك (وللأسف) مواقف خفية لمسيرة القيادة الصحية خلال عملها، والتي قد تحدث ليس فقط في الحد الجنوبي ولكن قد تحدث في أي مكان!!
ومن تلك المواقف، الصور التي رأيناها للوزير وهو يطلع على الأحداث المؤسفة من حريق لواحدة من المنشآت الصحية التابعة لوزارة الصحة، طبعا (ومن وجهة نظري) أن تلك الأحداث قد لا تقع ولا يمكن حدوثها لو افترضنا أن هناك متابعة على مستوى عال من الاحترافية الإدارية من قبل القيادات الصحية بالمنطقة، وخاصة عند استلام المشروع. ولكنني هنا، لا بد أن أشير إلى أن تلك الأخطاء الجسيمة لا يتحملها فقط العاملون في صحة المنطقة، ولكن يشاركهم أيضا، العاملون في وزارة الصحة (من قيادات كبيرة إن صح ذلك الوصف!)، وخاصة وكما نعلم أن معظم، إن لم يكن كل، المشاريع الصحية، وخاصة الكبيرة منها، هي عبارة عن مشاريع مركزية تتبناها الإدارات الهندسية، والإدارات الأخرى المعنية بوزارة الصحة.
وننتقل الآن، إلى موقفين آخرين رافقا زيارة وزير الصحة، وكان الموقف الأول، ذلك المواطن الذي احمر وجهه وعلا صوته وهو يتحدث إلى وزير الصحة ويطالبه بالتوقف والاستماع إليه، والسبب وراء طلبه، هو في عدم تمكنه من مقابلة أحد المسؤولين في صحة المنطقة. وهذا الموقف، وللأسف، يبين أن هناك خللا في إدارة بعض القيادات الصحية في تعاملها مع طلبات المواطنين الذين يرون أن لقاء المسؤول الأول هو الطريق الوحيد لوصولهم إلى تحقيق أهدافهم (الحصول على العلاج).
إذن، هذا الموقف، يوضح تماما أن المواطن الذي يعتبر الهدف الأول لوزارة الصحة يريد أن تكون كلمته عن مستوى الخدمات الصحية مسموعة من قبل جميع المسؤولين عن الخدمات الصحية. والموقف الآخر، هو ما قامت به إحدى النساء بطلبها من الوزير أن يتوجه إلى جهة أخرى في المبنى الذي لم يتم تجهيزه، وذلك لكي يطلع ويقف بنفسه على النقص الحاصل في ذلك القسم بالمنشأة الصحية، وذلك بدلا من التوجه إلى جهة يكون فيها التجهيز على أفضل صوره.
وهذا الموقف، يدل على رغبة القيادة الصحية في إظهار كل ما هو جميل أمام القائد الصحي الأول للجهاز الوزاري، وذلك بدلا من إظهار جميع الجوانب سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومناقشتها بشفافية والوصول إلى حلول جذرية وإيجابية للنقص الذي قد يسيء إلى مستوى الخدمات الصحية، وخاصة أمام المواطن الذي يعتبر رأيه هو الركن الأساسي في عملية التقييم والتحسين.
باختصار.. نشر بحث بمجلة (Journal of Medical Practice Management) عن ماهية المشاكل الرئيسة التي يتذمر منها المرضى وذلك خلال تلقيهم للعلاج بالمنشأة الصحية، ولقد دلت نتائج الدراسة أن نسبة 96% من مشاكل المرضى كانت مركزة على طريقة تقديم الخدمات والتعامل (customer service)، وفي المقابل كانت هناك نسبة 4% موجهة إلى الجودة (quality) والعناية الطبية (clinical care) وأخطاء التشخيص (misdiagnoses)، ودلت النتائج أيضا أن 53% من عدم رضا المستفيد مرتبط بما يسمى بالتواصل المحبط (communication frustration) (مقال كتبته بجريدة مكة وكان عنوانه: الصحة والقيادة الكلاسيكية).
استشاري وباحث في سلامة المرضى
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/12/11