تعنيف الأطفال.. ما الحكاية؟
محمد الوعيل ..
بات ما تبثه لنا وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي، من قصص مروعة لتعنيف أطفال، ظاهرة، لن أملّ من طرحها والتعبير عنها، داعياً لحلول رادعة تدرأ عن جيلنا المستقبلي هذا المنظر الكريه، وغير الإنساني، والذي لا يليق بمجتمع هو أرض الإسلام ورسالته الخالدة، من حب وتعاطف واحترام وتسامح.
كاذب من يقول إن ظاهرة تعنيف الأطفال، حديثة علينا، وواهم من يتصور أنها نتاج للعصر أو الإعلام أو غيرهما من المبررات الواهية، الظاهرة موجودة ولكن كانت تنتشر على استحياء عبر قصص أو حكايات عابرة، وبدلاً من أن نواصل التمويه والخداع بالقول إنها موجودة في كل المجتمعات، وهو أمر صحيح، لكن يُراد به باطل، وهو استمراء وجود الظاهرة دون حلول فعلية أو جذرية.
بات واضحاً عبر ما تم ترويجه خلال الأيام والأسابيع الماضية سواء من قصة الطفلة "دارين" ذات الأشهر الثلاثة، التي تعرضت للتعذيب على يد والدها بمكة المكرمة، في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت أم الطفلة المقطع على تويتر بهاشتاغ "أم تريد بنتها بحضنها"، وقد تفاعل معه الآلاف.. إلى قصة طفل تبوك، الذي ظهرت آثار الضرب الوحشي على ظهره المسكين ورأسه على يد والده، في قضية أخرى لا تزال تهز الرأي العام بشدة.
لا يمكن أبداً تقبل الاكتفاء برعاية هؤلاء الأطفال في دور الحماية الاجتماعية، ولا يمكن الاكتفاء بتطبيق نظام الحماية من الإيذاء ونظام حماية الطفل بشكل روتيني، لإسدال الستار على هذا العنف المبكر تجاه أطفال لن يكون مستقبلهم -تحت استمرار هذه الأعمال المشينة- إلا مزيداً من التعقيد والعقد النفسية، مهما كانت الأسباب الاجتماعية التي تدفع بآباء تجردوا من أبسط قيم الأبوة والمشاعر الإنسانية، للانتقام من أمهاتهم أو تصدير مشاكلهم الخاصة لمن لا ذنب لهم!
أيها السادة.. لا بد أن تتدخل الدولة بشكل صارم، والابتعاد عن نظرية تشكيل لجان، أو اجتماعات أو خبراء، كلها تنتهي بالعدم أو بإجراءات شكلية لم تنجح أبداً في حل مشكلة بذرة هذا العنف المشين، حتى لو وصل الأمر للحجر على الآباء المعنفين ونزع حضانتهم لهؤلاء الأطفال، مع توفير بيئة مناسبة نفسياً واجتماعياً لهم، كي لا يتأثروا بتداعيات نفسية مريعة.
بذرة العنف تبدأ من هنا أيها السادة؟ طيلة سنوات ونحن نتساءل: لماذا يتسم بعض أبنائنا بتصرفات عنيفة؟ ولماذا أبناؤنا بالذات من أكثر الجنسيات المنضوية تحت ألوية التنظيمات التكفيرية والميليشيات الإرهابية في بلدان لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟ بل لماذا غالبية المتورطين في تفجير المساجد واغتيال رجال القوات المسلحة وعناصر الأمن سعوديون؟
هذه البذرة التي تجد في أفكار الضلال ملاذاً انتقامياً يصفي حساباته مع الجميع.. ابحثوا عن التاريخ الأسري لجميع الإرهابيين، أجزم أنه لن يخلو من عنف أسري قديم، تراكم حتى تحول إلى قنبلة اجتماعية موقوتة!
أسرعوا.. قبل فوات الأوان.. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/25