المتسوق السري ومعيار الرضا.. كيف يتحقق؟
إسماعيل محمد التركستاني ..
نتفق جميعنا بأن الوصول إلى تحقيق رضا المستفيد (المريض) من مختلف الخدمات الصحية هو هدف استراتيجي وسام لجميع العاملين في مختلف المنشآت الصحية، وليست فقط لإصحاب القيادات الرفيعة. فهذا العامل سواء كان طبيبا أو ممرضا أو أخصائيا على اتصال مباشر مع المستفيد، فإذا سقط المريض على الأرض، فإن هذا العامل هو من سيقوم بإنقاذه مباشرة.
إن كل ما يتحقق على أرض الواقع من خدمات صحية، فإنه سوف يتكامل ويظهر بصورة حسنة، وذلك عندما يرضى المريض عن الرعاية التي تلقاها ويرضى المقدم لتلك الخدمة عما قدمه. إذن، يأتي السؤال الهام: كيف نصل إلى رضا الطرفين (المريض والعامل)؟ العامل في الرعاية الصحية يكون سؤاله: هل أنا راض عما قدمته؟ ولكن لا بد أن ندرك أيضا أن السؤال قد يطرح بطريقة أخرى وتكون من طرف المستفيد من تلك الخدمات: كيف أرضى عن الرعاية المقدمة لي من الطرف الآخر (وزارة الصحة مثلا)، وإن هاتين الصيغتين قد تتمثلان في صورة معادلة حسابية مكونة من طرفين (كما هي صيغة المعادلات الرياضية) وبينهما علامة حسابية هي (=) والتي تعني يساوى.
إذن، أمامنا خياران، الخيار الأول والمتمثل في أن أحد الطرفين يساوي الطرف الآخر. وهنا (ومن وجهة نظر حسابية) نستطيع القول إن الطرف الأول والذي نفترض هنا أنه يتمثل في المقدم لمختلف الخدمات الصحية (وزارة الصحة مثلا) قد وصل بمختلف خدماته الصحية إلى المستوى الذي يتطلع إليه المستفيد من تلك الخدمات قد تساوى مع تطلعات الطرف الآخر وهو المستفيد من مختلف مستويات الرعاية الصحية المقدمة له. والخيار الثاني في المعادلة الحسابية، هو عدم تساوي الطرفين (≠) في الوصول إلى تحقيق الرضا من الخدمات الصحية! كيف؟ لا بد أن ندرك هنا، أن الرضا هو نظرة متبادلة بين طرفين، فالمريض مثلا، يريد أن يحقق من ذهابه إلى تلقي الرعاية الصحية كل ما يحتاجه من رعاية، وذلك لهدف الرجوع إلى حالة صحية مستقرة، ولكن، هل يدرك المريض أن عليه معطيات وواجبات (من جانبه) يمكن له بها أن يصل إلى الهدف المنشود من خلال تعامله الجيد مع متطلبات الرعاية الصحية؟ مرة أخرى كيف يكون ذلك؟ مثلا، لنفترض أن هناك مريضا يشكو من ارتفاع سكر الدم، هل يدرك مريض السكر المتطلبات التي لا بد أن يقوم بها لكي تصل حالته غير المستقرة في مستوى سكر الدم إلى حالة يمكن من خلالها التحكم في مستوي سكر الدم؟ وإذا نظرنا إلى الطرف الآخر (في حالة عدم التساوي) وهو المقدم للخدمة الصحية، لا بد أن يدرك أن أعماله لن تصل إلى الرضا المطلوب إلا في حالات معينة يتشارك فيها (في الصورة المتكاملة من الخدمات الصحية) مع الفئات المهنية الصحية المشاركة معه في القطاع الصحي.
باختصار، لا بد أن يكون الهدف السامي من أعمال المتسوق السري هو في قياس نسبة الرضا في الخدمات الصحية، ليس فقط من طرف المريض، ولكن مع قياس نسبة الرضا من الطرف المقدم لمختلف الرعاية الصحية بالمنشأة الصحية، وذلك لهدف الوصول إلى حالة التساوي في المعادلة الحسابية. ويكون ذلك عن طريق قياس مؤشرات الرضا سواء كان ذلك المؤشر من طرف المريض أو يكون المؤشر من طرف المقدم لتلك الرعاية الصحية (أتمنى أن يكون ما ذكرته هو طرح جديد في مشروع المتسوق السري).
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/03/09