منزل مبارك!
علي أحمد صحفان ..
عندما تبتسم لك الدنيا وتفتح لك ذراعيها فإن أكثر ما تود الحصول عليه هو منزل خاص يحتضنك أنت وعائلتك، وتبدأ في تحقيق حلمك بشراء الأرض وبناء المنزل وهذا يجعلك تنجز نصف المشوار من امتلاك منزل، أما النصف الثاني وهو الأهم هو من يقرر متى تستطيع أن تسكن فيه، وهذا مرتبط بمؤسستين خدميتين هما البلدية وشركة الكهرباء فإن رضيت عنك، فأنت قد نلت المنى وحصلت على ما تريد وإن غضبت عليك حسبت الناس كلهم غضابا، فستظل تدور في دهاليزها وبين مكاتبها ردحًا من الزمن، حتى يقيض الله لك أحدًا، فيحيلك من فئة المغضوب عليهم إلى فئة المرضي عنهم، عندها يكون قد أنجزت منزلك ونقول لك منزل مبارك.
فالبلدية تبدأ معاناتك معها منذ استخراج تصريح البناء فلحصولك على التصريح تحتاج إلى أشهر وخاصة بعد اعتماد المعاملات الالكترونية، فبدلا من أن تكون المعاملات أسرع أصبحت أكثر بطئًا من المعاملات الورقية، ثم يبدأ مشوار المراقبين وتبدأ المخالفات تنهال عليك من كل حدب وصوب، وما أن تنتهي من البناء بعد أن أنهكك التعب والدين، يبدأ المشوار من جديد بين البلدية وشركة الكهرباء من أجل إدخال الكهرباء، ولدخول الكهرباء أنت تحتاج لموافقة من البلدية تؤكد أنك خالٍ من المخالفات، ولكي تحصل على هذه الموافقة أنت تحتاج إلى دعاء الوالدين أن تمر أمورك بدون منغصات وبدون غرامات وبدون تأخير، وكما هو مكتوب في موقعهم أن المعاملة لا تستغرق أربعة أيام من بداية التقديم فانك ستجد أن معاملتك استغرقت أشهرًا، فموعدك بعد شهر لزيارة المساح للمبنى ثم النظر فيها ثم عرضها على المهندس ثم رئيس القسم ثم رئيس البلدية، وإذا كان هناك مخالفة يتم تكوين لجنة وفي الأخير تفرض عليك غرامة وعليك تسديدها فورًا في وقت لا تملك فيه قيمة صحن فول!.
أما شركة الكهرباء فكانت قبل سنوات تنجز معاملاتها في أوقات قياسية لا تتعدى أسبوعًا، أما في الوقت الحالي فإن معاملتك يطيب لها المقام أشهرًا، بين المكاتب وبين زيارات المبنى فزيارة عندما يتم البناء وزيارة بعد التشطيب وزيارة بعد العزل وزيارة للتأكد من العزل، ثم دفع الرسوم التي تضاعفت بشكل غير معقول، ثم موعد الحفر وعندما تنتهي من كل ما سبق وتنتظر اطلاق التيار، يطلبون العودة منك الى البلدية للحصول على الموافقة على إطلاق التيار.
لقد عقدتم الأمور وهي لا تستحق التعقيد، الدولة -حفظها الله- اعتمدت الحكومة الإلكترونية لسرعة إنجاز المعاملات والتسهيل على الناس، ورؤية 2030 تعتمد السرعة في الإنجاز، وأنتم جعلتموها أكثر تعقيدًا وبطئًا، فسهلوا إجراءاتكم وسرعوا معاملات المواطنين فأنتم لم توضعوا في هذه الأماكن إلا لخدمتهم.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/11