إعلام جازان الواقع والمأمول
عواجي النعمي
يتحدث المفكر والباحث الإسلامي الدكتور عبدالكريم بكار عن أزمة ثقافة النقد في مجتمعاتنا فيقول (من سنن الله في الخلق أن يكون أسوأ ما يتعرض له الناس هو من صنع أيديهم ونزعات قلوبهم، ولذا فإن علينا ألا نسلط تفكيرنا على الحجارة التي نراها في طريقنا، وإنما على الحفر التي نتسبب فيها بمعاوِلنا).
لاشك أن هناك إشكالية تجتاح الوسط الإعلامي في منطقة جازان، تتمثل في تباين الرؤى بين فريقين، يرى كل منها أن أسلوبه هو الأفضل في طرح مشاكل المنطقة وإظهار قصور الخدمات، وترتب على ذلك ظهور إعلام ذي نقد حاد أو معتدل، مع ميل الكفة للطرح الحاد لاسيما مع مواقف الأزمات والكوارث. ولعل سبب المشكلة التي تجتاح الحركة الإعلامية بالمنطقة يتمثل في الرغبة في الانتشار السريع ومحاولة الظهور بغض النظر عن مقومات المعرفة والبحث والتقصي عن المعلومة الصحيحة، وربما يعود هذا إلى ضعف الشعور بالمسؤولية المجتمعية وعدم الاهتمام بتطوير الفكر البناء والنقد الهادف، وللأسف فإن الكثير تكون معلومته بناء على السماع من المجالس والأصدقاء دون تبني مبدأ البحث والتقصي عن حقيقة المعلومة. والكثير من محرري الأخبار حين يسمعون كلاما يفهمونه في ضوء ما لديهم من خلفيات عوضا عن الاهتمام بفهم ما سمعوه وتحليل جذور المعلومة والتأكد من دقتها وصحتها.
إن معظم الصحف الورقية والإلكترونية أصبحت تنتشر وتشتهر على حساب نشر أخبار المنطقة، مع تأكيدنا أن المناطق الأخرى فيها نفس الملاحظات والسلبيات، فنحن جميعا في وطن واحد لا تختلف سلوكياته وثقافته إلا بفوارق بسيطة جدا.
إن النقد الفكري والإصلاحي البناء يحتم التبرؤ من رؤية واحدة أو توجه محدد أو مجاملة على حساب المبادئ ومصالح المجتمع. إن النقد الهادف يتطلب عدم مصادرة الأفكار البناءة. كذلك فإن الأفكار العظيمة والانتقادات الهادفة تكون قادرة على الدخول في قلوب الناس والتأثير في قراراتهم، ومُساهِمة في تطوير الذات وتقدّم المجتمع. إن اعتزاز الإعلامي برأيه ورؤيته، وأنه على صواب والآخرين مخطئون هو أمر يمكن تفاديه بالالتفات إلى ردود أفعال المجتمع مع التركيز على الحوار الهادف واستشعار أن الضرر الذي سيحل بالمنطقة سيكون أكبر بكثير من المكتسبات على الصعيد الشخصي.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2017/05/29