آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عمر الردّاد
عن الكاتب :
كاتب أردني

آفاق التغيير المحتمل بالسياسة التركية بعد جولة أردوغان الخليجية


عُمر الردّاد

  بات واضحا أن الرئيس الرئيس التركي لم يحقق في جولته الخليجية التي شملت السعودية والكويت وقطر، نتائج تذكر في اختراق ايجابي على صعيد المصالحة بين قطر وجيرانها، ارتباطا بإعلان تركيا انحيازها إلى جانب قطر منذ بداية الأزمة، التي جاءت بعد قمم الرئيس الأمريكي ترامب الثلاث في الرياض ، والتي تغيبت عنها تركيا، وربما ظهرت في المحور المشمول بمطلب القمم في ركنه الأول الخاص بمكافحة الإرهاب والإسلام السياسي ، والاتهامات التي تكال لتركيا حول دعمها للإرهاب ورعايتها الإسلام السياسي ممثلا بجماعات إسلامية عديدة على رأسها الإخوان المسلمون، وقد أكدت تصريحات أردوغان بعد عودته إلى أنقرة أن لا تغيير جوهري في الموقف التركي ،وأن نجاحا محدودا تحقق في باب المجاملة الدبلوماسية، وخفض أجواء التوتر مع السعودية.

ربما كانت الاندفاعة التركية المتسرعة لإعلان تركيا وقوفها إلى جانب قطر في ظل مناخات متشنجة ،عنوانها من ليس معي فهو ضدي، في إدارة الأزمة من قبل كافة أطرافها ،خاصة وأن تلك الاندفاعة بدأت بدعم عسكري لقطر من خلال إقرار تشريع حول التعاون العسكري ، وتسريع بناء وتوسيع القاعدة العسكرية ،إضافة لإظهار دعم أنساني لقطر من خلال مساعدات إنسانية ،وضعت خصوم قطر في إطار الدول التي تعمل ضد حقوق الإنسان القطري، إلى جانب إيران التي نافست  تركيا بهذا الخصوص،إضافة للتصريحات التركية المتطابقة مع مواقف القيادة القطرية تجاه مطالب الدول الأربع ، والعرض التركي لبناء قاعدة عسكرية في المملكة السعودية ,كلها جعلت تركيا أبعد ما تكون عن القيام بدور الوسيط، وربما الأهم العلاقات المتشنجة أصلا مع طرفين رئيسيين في الأزمة من بين الدول الأربع وهما : مصر والإمارات ، على خلفية الدعم والرعاية التركية لجماعة الإخوان المسلمين وتوفير ملاذ أمن لهم ومنصات إعلامية تنطلق من تركيا.

ورغم التسريبات حول اتصال هاتفي بين الرئيس التركي وأمير قطر قبيل الجولة والتصريحات الجديدة للرئيس التركي بضرورة إنهاء الأزمة بأسرع وقت في إطار الحوار، إلا إن خطاب الأمير تميم والرسائل التي تضمنها بتأكيد ثبات القيادة القطرية على مواقفها بقبول الحوار في إطار تعريفها الخاص للإرهاب والتفريق بينه وبين المقاومة ، ربما افقد الرئيس أردوغان أوراقا مهمة يمكنه عرضها على القيادتين السعودية والكويت، ومن الملفت أن جولة الرئيس أردوغان بدأت من السعودية ثم الكويت ثم تختتم في قطر، إذ يرى كثير من المحللين أنه كان يفترض أن تبدأ بقطر لنقل ما يمكن أن تقدمه القيادة القطرية من وجهات نظر جديدة ” لحلحلة” الأزمة، خاصة وأن مواقف الدول الأربع أصبحت معروفة ومعلنة، ومن الواضح أن فقدان الثقة بين الخصوم يشكل أحد أبرز عناوين  الأزمة.

الوساطة التركية الجديدة بين دول الخليج تطرح الارتباك في السياسة التركية تجاه الملفات الإقليمية ، بدءا من التصعيد في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا التي نقلت جنودها من قاعدة إنجيرلك التركية التابعة للأطلسي إلى الأردن وهولندا، وهي خلافات عميقة جدا مرتبطة بسياسات القيادة التركية خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة ، “لأسلمة” الدولة التركية ،وهو ما يحول دون انضمامها للاتحاد الأوروبي ،وخلافات أكثر عمقا مع أمريكا ارتباطا بالدعم الأمريكي لأكراد سوريا ، ومخاوف تركيا من إمكانية أن يفضي هذا الدعم في إنجاح جهود الأكراد بتأسيس نواة لدولة كردية ينضم إليها أكراد تركيا لاحقا، ربما تحظى باعتراف ودعم سعودي ومصري ومن الإمارات، إضافة للشكوك بالموقف الأمريكي تجاه قضية فتح الله غولان ورفض تسليمه لتركيا،والعلاقة المرتبكة مع إسرائيل ، والمتقلبة تجاه الملفين السوري والعراقي، والتنافس والشكوك مع إيران، رغم تقديرات، حول إمكانية تقارب تركي مع إيران مستقبلا ، في حال مواصلة تركيا انتهاج ذات الإستراتيجية القائمة حاليا.

الأزمة الخليجية ربما تحتاج لاستدارة تركية كاملة ، ليس بالضرورة أن يكون عنوانها انتقال تركيا إلى جانب الدول الأربع ضد قطر ، والرئيس أردوغان عنوان مدرسة جديدة في العلاقات الدولية بسرعة الانقلاب على مواقفه، في إطار براغماتية هي الأسرع في التاريخ ،خاصة وأن خلايا تفكير إستراتيجية غربية تربط بين الاندفاعة التركية للدفاع عن قطر وبين كون تركيا تدافع عن نفسها عمليا بوقوفها إلى جانب قطر ، باعتبار أن الخطوة القادمة ستكون ضد تركيا ولذات الأسباب ، في ظل متغيرات إستراتيجية تستهدف إنهاء الإرهاب وإقصاء الإسلام السياسي ، ولا تركز على مصفوفة مقولات حقوق الإنسان، وهو ما يعني تخفيف حدة الانتقادات للرئيس التركي، منذ الانقلاب الفاشل في العام الماضي،  واعتماد الفدرالية أساسا لحلول مقبولة في دول المنطقة والإقليم المضطرب،فهل سيسهم عدم تحقيق نجاحات في جولة الرئيس التركي الخليجية ، وهو أمر مُرجح، في استدارة تركية لتكون جزءا من الإستراتيجية الدولية الجديدة، وتتكّيف مع متطلباتها بالتوقف عن دعم الإرهاب والإسلام السياسي ، وتبدأ بإرسال إشارات تعبر فيها عن انخراطها في الإستراتيجية الجديدة للإقليم،  كتأييد اتفاق حماس -دحلان في غزة مثلا؟
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد