الجودة وأرامكو!
محمد حدادي
مع إغراقه في «العائلية» و»سريته الشديدة» إلا أنني أسوقه كمثال مسايرة للتوجه نحو ترشيد النفقات! كنت أشتري «ملابس» لابنتي الكبرى – قبل أن أشدّ الحزام - أراعي أن تكون جودتها عالية؛ وبالفعل احتفظت تلك الأقمشة بجودتها لدرجة أن أختها الثانية لحقت شيئا من العصر الذهبي وقامت بارتدائها! ومع امتعاض وممانعة البنت الكبرى لهذا «التداول العائلي للملابس» -لرغبتها الاحتفاظ بثياب طفولتها الأولى كذكريات- إلا أنني نصحتها بعدم التشدد في المنع واحتساب الأجر؛ ثم إن في الأمر «صلة للرحم» في أبهى معانيها الأخوية! عموما بتكاثر المسؤوليات عمدت لشراء ملابس «رخيصة الثمن» نوعا ما؛ ووجدتها تفقد لونها ونضارتها بعد الغسلة الأولى! وبالنظر للفرق في السعر لم أجده كبيرا! لأجد خسارتي من جميع النواحي بمراهنتي على شراء «المقلّد»!
بالقياس؛ كم يكلف إجراء عملية جراحية في مستشفى عام؟ بحسابها من جميع النواحي - تكلفة إنشاء وصيانة المستشفى وأجرة الطاقم الطبي والتمريضي والإداري بجانب قيمة الأدوية والأجهزة وكلفة الخدمات من كهرباء ومياه .. إلخ- نجد التكلفة باهظة! وباهظة جداً بحال لم يكن الطبيب متمرّساً وارتكب خطأ طبياً! فإن أصيب المريض – نتيجة الخطأ - بعاهة فالأمر أشد خسارة لاشتماله على تكاليف أخرى كالتأهيل وخلافه؛ حسناً؛ ماذا إن تم بناء مستشفى بمواصفات عالمية صارمة وبأجهزة طبية ذات كفاءة عالية وبطاقم طبي وإداري متمرّس؟! هنا تسهم «الجودة» ولا شيء غيرها في تقديم خدمة ممتازة مع الاحتفاظ بكفاءة الأداء لأطول فترة ممكنة وسنجد في الأخير أن حسابنا التراكمي للجودة أقلّ خسارة على المدى البعيد وأكثر نفعا من نقيضها؛ واسألوا «أرامكو» المكلّفة بإصلاح وترميم ما تضرر من مستشفى جازان العام – بعد الكارثة -! ولا أدري كيف انساقت «أرامكو» بمحاولتها «ترقيع» ثوب مهترئ مقلّد –نسجته رؤية شؤون صحة جازان- بخيوط حرير أصلي؟! بالطبع سيكون اللبس مشوّها وكأنه قميص «مهرّج»! فإما أن تقوم «أرامكو» بنقض كامل الثوب المهترئ وتغزل ثوبا جديدا يليق بمنشأة طبية؛ أو تعتذر – على الأقل - حفاظا على سمعتها! وبحالٍ كهذه أطمئن مديرية جازان الصحية أنه بإمكانها الاستعانة بمقاول – من إيّاهم - لترميم المبنى وتأجيره كـ»شقق عزاب»! أليست الفكرة أفضل من التهيئة لوقوع كوارث جديدة؟!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/01/01