إلى خاصّاتنا في القدس وغزة ويافا النداء الأخير قبل التحرير
محمد صادق الحسيني
من سليماني إلى كافة الوحدات تحت الكساء، جهّزوا كل القوافل إلى كافة القطاعات…!
ومن نصر الله إلى كافة الكتائب بين الأرض والسماء
إنها الانتفاضة الأخيرة بالنقاط أولاً ومن ثم بالضربة القاضية…!
وعلى الصهاينة اختيار الرحيل المتدحرج أو ركوب السفن رحلة واحدة وإلى الأبد..!
استناداً إلى تاريخ الهبات الشعبية والانتفاضات المسلحة المقاومة لموجات الهجرة الصهيونية إلى فلسطين في نهايات القرن التاسع عشر والمقاومة للاحتلال البريطاني المساند لتلك الهجرة في فلسطين.
منذ أن احتلت القوات البريطانية القدس في مثل هذا الشهر من سنة 1917.
فقد بدأت أولى تلك الهبات الجماهيرية في العام 1882 ضد الهجرة اليهودية وضد إقامة المستعمرات اليهودية على أرض فلسطين. واستمرت هذه الهبات في سنة 1920 و1922 ضد الاحتلال البريطاني وسياساته الداعمة للهجرة اليهودية إلى فلسطين.
وقد اتسع نطاق موجات المقاومة الفلسطينية واتخذ أشكالاً أكثر تنظيماً وتأثيراً بعد صدور صك الانتداب على فلسطين والذي صدر عما كان يُسمّى عصبة الأمم، وأسند حق الانتداب على هذا الجزء من الوطن العربي إلى بريطانيا. وقد نصت تلك الوثيقة على ضرورة اتخاذ بريطانيا كافة الإجراءات الضرورية من أجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
علماً أن قمة انتفاضات وهبات بدايات القرن العشرين قد تمثّلت في هبّة البراق في العام 1929، وذلك إثر محاولة يهودية لتحويل حائط البراق إلى معلم يهودي، بمساندة سلطات الاحتلال البريطاني. تلك اللعبة التي اضطرت السلطات البريطانية إلى التراجع عن دعمها للجهود اليهودية وتثبيت إسلامية وعروبة حائط البراق.
كما مثّلت الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي أطلقتها حركة فتح في 1/1/1965، استمراراً لتلك الهبات والثورات والتي كان أبرزها الثورة القسامية في العام 1936، ولكنها، أي الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة لم تتخلَّ عن أُسلوب الهبات والانتفاضات الشعبية في وجه الاحتلال والذي تحوّل من بريطاني إلى «إسرائيلي».
حيث قامت قيادة الثورة الفلسطينية، وفِي بداية مثل هذا الشهر في العام 1987 بإطلاق انتفاضة عارمة وشاملة لكل شرائح وفئات الشعب الفلسطيني، بإطلاق هذه الانتفاضة في وجه الاحتلال «الإسرائيلي» الذي توهّم قادته بأنّهم قضوا على آمال الشعب الفلسطيني في تحرير بلاده بعد أن نجح الجيش «الإسرائيلي»، وبتواطؤ رجعي عربي ودعم أميركي مباشر، من إخراج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان وتشتيتها في دول عربية عدة.
إنها ما اصطلح على تسميته الانتفاضة الأولى والتي كان مهندسها الشهيد خليل الوزير أبو جهاد والتي أشرف على إدارتها وتطويرها الشهيد ياسر عرفات أبو عمار . تلك الانتفاضة التي أديرت بواسطة غرفة عمليات عالية التجهيز والكفاءة والإمكانيات المالية واللوجستية. والتي لم تتوقف إلا بعد رضوخ الحكومة «الإسرائيلية» للأمر الواقع وتوقيعها اتفاقيات أوسلو، والتي رغم تحفظاتنا الكثيرة والكبيرة عليها، قد أفضت إلى عودة آلاف المقاتلين والمدنيين الفلسطينيين من الشتات إلى فلسطين، كما أنها أرغمت الاحتلال على الاعتراف ببعض حقوق الشعب الفلسطيني ولو في حدودها الدنيا.
أولئك المقاتلون العائدون لم يتوانوا لحظة واحدة عندما لبّوا نداء الأقصى في العام 1996 وانخرطوا مع بقية أفراد الشعب الفلسطيني في انتفاضة مسلحة ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، حيث شاركت كافة تشكيلات حرس الزعيم الفلسطيني الخاص، وبلباسهم العسكري المميّز وبكافة أنواع الأسلحة المتاحة، في العمليات العسكرية الفلسطينية التي تم تنفيذها ضد مواقع الاحتلال في أنحاء الضفة الغربية المحتلة كافة، وذلك في محاولة لمنع سلطات الاحتلال من حفر نفق تحت المسجد الأقصى كان يمكن لاستمرار الحفريات لتنفيذه أن يهدّد أسس المسجد الأقصى. ولذلك أطلق على هذه الانتفاضة انتفاضة النفق.
ولَم يتأخر الشعب الفلسطيني عن تلبية نداء الأقصى في أيلول سنة 2000 عندما قام المجرم شارون بتدنيس باحاته، حيث أطلق الشعب الفلسطيني وبقيادة الزعيم ياسر عرفات أبو عمار انتفاضة الأقصى التي كان من نتائجها اضطرار سلطات الاحتلال إلى التراجع المؤقت عن الاستيلاء على الأقصى أو تقسيمه، وكذلك إلى فرض الحصار على أبي عمار في مقرّه في رام الله سنة 2002 والذي استمر حتى نجاح الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» في تسميمه وقتله، كما هو معروف للجميع.
ونظرًا للمتغيرات العميقة التي تشهدها منطقتنا العربية والإسلامية، خاصة بعد النجاحات الكبرى التي حققها الهجوم الاستراتيجي الشامل لمحور المقاومة، ضد أدوات الاستعمار الأميركي والاحتلال «الإسرائيلي»، أي ضد داعش وأخواته ومموليهم من آل سعود وآل ثاني وآل سلجوق، فإن المرحلة الأخيرة من مراحل هذا الهجوم الاستراتيجي سوف تبدأ متدحرجة على شكل انتفاضة شعبية صدر نداؤها الأول من غزة عندما طلب السيد إسماعيل هنية من أبناء الشعب الفلسطيني إطلاق انتفاضة شاملة ضد الاحتلال ولمواجهة قرار الرئيس الأميركي القاضي باعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأميركية إليها. بينما صدر النداء رقم اثنين من بيروت، وعلى لسان سماحة السيد حسن نصر الله والذي أضاء على الخطوات العملياتية لهذه الانتفاضة، كما على أبعادها وحجم المشاركين فيها وأبعادها كمرحلة أخيرة للهجوم الاستراتيجي لمحور المقاومة ضد المشروع الاستعماري الصهيوأميركي وأدواته من الرجعية العربية وعلى رأسهم حكام السعودية.
لذا، فإن أهمية النداء رقم اثنين الصادر عن سيّد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله تتمثل في ما يلي:
1 إنه يمثل إعلاناً عن بدء الفصل الأخير من الهجوم الاستراتيجي الشامل لمحور المقاومة والمتمثل في الإعلان عن وجهة الهجوم أو اتجاه البوصلة:
«للقدس… للقدس رايحين شهداء بالملايين».
2 إنه يعلن النداء إقامة وتفعيل غرفة عمليات مشتركة لقوات حلف المقاومة التي ستشارك في الانتفاضة الحاليّة والتي ستكون الغرفة مسؤولة:
عن إدارة العمليات، بدءاً من تنسيق نشاطات الانتفاضة الشعبية الدائرة حالياً، مروراً بتقديم الدعم والمشاركة في العمليات العسكرية التي ستنفذها القوى المشاركة في الانتفاضة داخل فلسطين، وصولاً إلى المشاركة المباشرة والواسعة النطاق وبمختلف أنواع الأسلحة في الفصل الأخير من الهجوم الاستراتيجي.
3 وبالنظر إلى مصداقية سماحة السيد وبالنظر إلى إعلان النصر على داعش في العراق بالأمس، ونفسه الإعلان من سورية الْيَوْمَ، عبر لقاء الرئيسين السوري والروسي في قاعدة حميميم، فإننا نرى أن بشائر النصر في المرحلة الأخيرة للهجوم لن يطول انتظارها، وأننا سنرى قريباً قوات محور المقاومة تدخل القدس والأقصى فاتحة منتصرة منهية الاحتلال «الإسرائيلي» من فلسطين كلها.
من هنا فإن هذه الانتفاضة المباركة ستكون خاتمة أحزان الشعب الفلسطيني وتتويجاً لنضاله الدؤوب والمستمر منذ ما يزيد على مئة عام.
4 كما أن هذا الإعلان إنما يشكل تأكيداً جديداً على مقولة سماحة السيد حسن نصر الله: سنكون حيث يجب أن نكون. وهذه المرة في القدس: بوابة الأرض إلى السماء.
بعدنا طيّبين، قولوا الله.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2017/12/12