مركز ثقل العالم يتّجه شرقاً وأميركا تنازع الروح في المتوسط...!
محمد صادق الحسيني
إنّ دخول الصين وروسيا في شرق المتوسط من البوابة السورية بات قادراً عملياً على خنق أساطيل الولايات المتحدة ومنعها من دخول البحر الأسود، ويكفي خطأ أميركي ثانٍ حتى يغلق عليهم المتوسط كله انطلاقاً من الجزائر باتجاه مضيق جبل طارق…!
هذا ما نطق به في هذه الساعات وزير الحرب الأميركي ماتيس عندما أعلن انّ استراتيجية بلاده الجديدة هي منافسة القوى العظمى وليس مكافحة الإرهاب…!
وإن من سمّاهما بالقوى الرجعية كالصين وروسيا هما المقصودتان في التنافس..!
ولم ينس التعريج على الدولتين «المارقتين» كوريا الشمالية وإيران الذي قال إنهما تعملان مخالفتين للقرارات الدولية..!
طبعاً، لا ننسى أن زميله في مهنة محاربة «الرجعيين» والقوى «المارقة» أي وزير الخارجية تيلرسون كان قد سبقه في الإعلان إلى أن قوات بلاده باقية في العراق وسورية، لمنع عودة داعش ومكافحة النفوذ الإيراني ومساعدة السوريين في إطاحة الأسد…!
والرؤية لا تكتمل بالطبع إلا بـ«صفعة القرن»، كما صار اسمها العربي، والتي كلفت فيها القوى الرجعية العربية وهذه المرة فعلاً رجعية بالتسمية العلمية وليس الأميركية المسيّسة، والتي كلفت على ما يبدو بالضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بتصفية قضيتهم كرمى عيون بقاء هذه الرجعية العربية حليفة الصهيونية العالمية قابضة على مقدرات الأمة بأمر عمليات أميركي صهيوني عالمي بامتياز..!
ولإكمال بعض المربعات المحيرة في الجدول لا بدّ من تذكر موضوع العاصفة الرعدية القطرية الوهمية التي اخترعها الثنائي كوشنر – محمد بن سلمان والتي يبدو أنها ستنجلي قريباً بإعلان قطر منتصرة، بعدما وقع الناتو معاهدة تعاون أمني معها، لتثبت رؤيتنا التي لطالما قلنا إنها محطة قديمة متجددة للتحشيد الاستراتيجي الأميركي الصهيوني العالمي ضد روسيا والصين وإيران …!
نعم كتبنا عن هذا مبكراً، وقبل إعلان استراتيجية أميركا «الدفاعية» الجديدة على لسان ماتيس. وقلنا إن لا تسويات أميركية مع روسيا، ولا مثل ذلك مع إيران وإن سياسة المواجهة مع محور المقاومة والصين وروسيا ستكون هي الأساس في عهد ترامب الأميركي الذي ثبت انه لا يغرّد خارج السرب، كما يتوهم البعض من العرب «الطيبين» والتقليديين، بل هو يمثل أميركا الحقيقية التي لا تريد لغيرها أن يعيش في العالم، فإما أن يكون معها وفي إطار استراتيجيتها، أو تعمل للقضاء عليه وإسقاطه!
وإلا لماذا هي ضدّ حكومة الأسد التي تقاتل الإرهاب، بينما هي مع حكومة بغداد التي تحارب الإرهاب؟
أليس هذا هو الردّ الذي لمّح إليه سيد المقاومة بسؤال آخر غير هذا الذي سألناه وتمنّى على الشعب العراقي والحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية أن يكونوا على مستوى هذا الاستحقاق الكبير؟
يبقى المحتال والمراوغ الأكبر حاكم أنقرة السلطان العثماني الجديد، الذي مع كلّ يوم يمرّ يثبت بأنه جزء من هذه الخطة العالمية للتحشيد الاستراتيجي ضدّ شرفاء العالم، عندما نتذكر ونذكّر الرأي العام بأنه هو من عمل بشكل مخاتل ليمدّ نفوذه في إطار تساكن مؤقت مع روسيا وإيران إلى كلّ من قطر والسودان بقاعدتين عسكريتين ستكونان جزءاً من سياسة الناتو، وقاعدة نفوذ سياسية متقدّمة في تونس، لتشكل مثلثاً رجعياً حقيقياً في خدمة سياسة الحرب الأميركية الشريرة التي شرح خطوطها العامة الثنائي تيلرسون – ماتيس لتكون رأس الحربة في المخطط الصهيوني الأميركي ضدّ محور شرفاء العالم الذي انتفض بقوة ضدّ الأحادية الأميركية ويكاد يطردها من منطقتنا العربية والإسلامية ويحاصرها في الأطلسي كقوة بحرية تقليدية مسلوبة الأفضلية العالمية التي لطالما كانت تتغنى بها يوماً!
إنها إشارة قوية على هجوم كتلة الأورو آسيويين على أميركا الشريرة، وعلامة واضحة على انتقال مركز ثقل العالم من الغرب إلى الشرق!
ونبقى نحن في محور المقاومة وانتصارنا المدوّي في كلّ من لبنان وسورية والعراق وقريباً في اليمن المنتصر بإذن الله على الرجعية العربية والانتفاضة الجماهيرية في فلسطين التي تلتحم قريباً بانتفاضة مسلحة، نبقى نحن بيضة القبان في هذا العالم المتلاطم الذي يقرع طبول الحرب..
تذكروا جيداً كلّ الكلمات التي يردّدها هذه الأيام كلّ من الأمام السيد القائد في إيران وسماحة السيد حسن نصرالله وجنرال النصر قاسم سليماني، وهم يصفون انتصاراتنا الكبرى في سورية والعراق والمنطقة، وكيف يحضّرون ليل نهار للمنازلة الكبرى على أرض الرباط، لأنه سيأتي يوم على أمتنا، وهو ليس ببعيد عندما نشهد فيه كيف أنّ جموعاً من المستوطنين وأرتالاً من جيش الصهاينة تبدّل ثيابها وتستعدّ لركوب الأساطيل الأميركية قبل أن تغادر المتوسط مرة واحدة وإلى الأبد تماماً كما فعلت عصابات داعش وتعمل النصرة الآن!
إنهم يرونه بعيداً، ونراه قريباً.
الحلم بدأ يقترب من التحقق.
وماتيس وتيلرسون ومعهما سيّدهما ترامب ومن وراء وراء ترامب من حكومة العالم الصهيونية الخفية يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين!
بعدنا طيبين قولوا الله…
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2018/01/20