آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عمر الردّاد
عن الكاتب :
كاتب أردني

لماذا إنقاذ غزة الآن؟


عمر الردّاد

بين عشية وضحاها انقلبت التهديدات،التي كانت تطلقها مستويات سياسية وأمنية إسرائيلية بسحق قطاع غزة،منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى في القطاع،إلى أطروحات معلنة من الجهات ذاتها ومعها أمريكا وأوساط دولية لإعادة أعمار القطاع، بمشاريع تستهدف إعادة تأهيل البني التحتية والخدمات الأخرى.

ووفقا للخطة الأمريكية الإسرائيلية ،فقد كان هذا الموضوع أحد أبرز محاور جدول أعمال زيارة المبعوث الأمريكي “كوشنير”والمبعوث الأمريكي الخاص لعملية التسوية”غرينبلات” إلى دول المنطقة،خلال الأسبوع الماضي، وتقوم الخطة على جمع حولي نصف مليار دولار من دول الخليج لتنفيذ مشاريع ” محطة لتوليد الكهرباء، ميناء بحري على “شواطئ سيناء” ووفقا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن من المؤكد أن مشروع محطة توليد الكهرباء ستكون بالأراضي المصرية ،وتقدم خدمات الكهرباء لقطاع غزة ،وهو ما يعني تنسيقا أمنيا إسرائيليا مع مصر بخصوص هذا المشروع ومشروع الميناء البحري.

ورغم محاولات أمريكية وإسرائيلية وعربية لـ”تحاشي” ذكر صفقة القرن عند الحديث عن خطة إعادة إعمار غزة ، باعتبارها جزءا منها، إلا أن المؤكد أن تلك الخطة غير معزولة عن تلك الصفقة،وإنها تمهد لها،وتشكل أبرز محاورها ،خاصة وان المشروعين الرئيسين فيها “محطة الكهرباء والميناء”سينفذان على حدود القطاع مع مصر في سيناء،بما يخدم سيناء والقطاع، تتزامن مع طروحات أمريكية وإسرائيلية حول توسيع قطاع غزة باتجاه سيناء.

خطة إعمار غزة غير معزولة عما يتردد حول اتفاق هدنة طويلة المدى بين إسرائيل وحماس،تجري عبر كل من قطر ومصر والسويد، بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة،من المقرر أن تفضي إلى تبادل الأسرى “أو جثث”الجنود الإسرائيليين مع معتقلين لحماس ،كما يتردد أن إسرائيل قدمت  تنازلات خلال مباحثات الهدنة عن مطلبها بنزع أسلحة حركة حماس، وتسهيلات واسعة بين قطاع غزة ومصر من خلال معبر رفح ،بما في ذلك تسهيل انسياب البضائع والسلع والغذاء والدواء ودخولها إلى قطاع غزة.

إنهاء مأساة قطاع غزة في الجوانب الإنسانية ،بما فيها عودة أهالي قطاع غزة للعمل في إسرائيل خطة أمريكية إسرائيلية،تستنسخ التجربة ذاتها في الضفة الغربية،في إطار مفهوم السلام الاقتصادي الذي تطرحه صفقة القرن،ويلامس تسريبات إسرائيلية مفادها أن أساس الحل المستقبلي للقضية الفلسطينية في غزة ،وان تكون الضفة الغربية ملحقة بقطاع غزة ،حيث الدولة الفلسطينية ،التي ستتمدد إلى شمال سيناء، وترجمة لهذه الخطة كان ما يوصف بالتنازل الإسرائيلي عن شرط نزع أسلحة حماس إلى تحييد تلك الأسلحة .

فكرة إعادة إعمار غزة قديمة متجددة ،منذ مؤتمر القاهرة في تشرين أول عام 2014،واجتماعات المنتديات الأوروبية ولاحقا على المستوى  الرسمي في أمريكا، وجميعها أوصت بإعادة أعمار غزة ورصدت مبالغ مالية لذلك، في ظل إدراك لحجم المأساة  الإنسانية في غزة ،خاصة بعد الحصار والحروب الإسرائيلية على غزة، إلا أن كل تلك المؤتمرات ومقرراتها كانت في إطار تثبيت الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة،فيما اليوم تأتي في إطار صفقة القرن، وتحت عنوان غزة هي الدولة الفلسطينية وما سيبقى من الضفة الغربية سيكون ملحقا بها.

إعمار غزة اصطدم بعقبتين أساسيتين وهما ،الأولى:عدم جدية إسرائيل في إعادة الأعمار والتعامل مع هذا الموضوع تحت عنوان إخضاعه لحسابات سياسية ، هدفها الضغط على سكان القطاع لانتزاع تنازلات عسكرية وسياسية من حركة حماس،والثاني: توجهات المجتمع الدولي والمانحين الدوليين للتعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية المعترف بها دوليا ،في الوقت الذي لا تحكم فيه السلطة قطاع غزة منذ انقلاب حماس في غزة عام 2007،وفشل عودة السلطة إلى غزة حتى اليوم ،رغم اتفاقات المصالحة المتعثرة التي تم إبرامها بين السلطة وحماس من خلال القاهرة.

من غير الواضح احتمالات نجاح أو فشل سيناريو إعادة أعمار غزة، إلا أن كون خطة الأعمار تأتي في إطار صفقة القرن ،ربما تسهم في منحها دفعة إلى الأمام ،خاصة وأن الخطة الحالية بدعم أمريكي إسرائيلي ،وتمويل عربي من خلال السعودية ودول الخليج ،كما أن تنفيذ غالبية المشاريع على الأراضي المصرية بجوار غزة سيمنحها إمكانية النجاح في التنفيذ، إلا أن موقف حماس من الخطة سيكون عاملا حاسما في إنجاحها أو إفشالها،في وقت تدرك فيه حماس أهمية الخلاص من الأوضاع المأساوية في غزة.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/06/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد