حول جرائم التحالف في اليمن: بومبيو يشهد زوراً بواحاً فاضحاً أمام أعضاء الكونغرس
أ٠د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
ليس غريباً على احدٍ عاقل في هذا العالم ، سيل الكذب والتزوير الذي تمارسه الإدارات الأمريكية المتعاقبة على شعوب المعمورة، وقد سبق أن مارسوا رذيلة الكذب في مواقع عديدةٍ على طول وعرض الكرة الأرضيّة، ولهذا فإن درجة مصداقية تلك الإدارات مُنخفضةٍ جداً إن لم نقل معدومة.
تابع الرأي ألعام المحلي والإقليمي والأجنبي ما دار من حوار و إفادةٍ من على شاشات التلفزة العالمية، تلك (الشهادة) الزُّور الذي قدمها السيد/ مايك بومبيو – وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أمام عددٍ من أعضاء بالكونجرس الأمريكي بالأسبوع الماضي، و مفاد الشهادة أن حرب السعودية والإمارات على اليمن هي حربٍ نظيفة وهناك التزام من قبل دولتي السعودية والإمارات بعدم إصابة المدنيين ولا إصابة البنى التحتية المدنية، و أنهما ملتزمين بالمهنية العسكرية العالية، إلى هنا وانتهت تلك الشهادة المأساة (المناقضة للقيم) الأمريكية كما يدعون التي قامت وتأسست عليها الدولة الأمريكية القائمة على مفاهيم و أسس قانونية (صادقة) كما حَلُم بها المُؤسسون الأوائل لبناء دولةٍ أمريكيةٍ قوية وصادقةٍ تكون مُلهمةٍ لشعوب الأرض في النظام وحقوق الإنسان.
إن قول كهذا وشهادة زور بتلك الفظاعة التي عرضها الوزير أمام أعلى هيئة تشريعية في أميركا هي أحد أهم الأدلة التي تثبت تورط حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في الانخراط المباشر في الحرب العدوانية على اليمن منذ لحظاتها الأولى، وهي شريكة في العدوان الإجرامي من خلال :
أولاً : وجود خبرائها ومستشاريها العسكريين في غرفة العمليات العسكرية بالرياض والتي تُدار منها جميع العمليات العسكرية العدوانية ضد اليمن وشعبه الكريم.
ثانياً : تسخير شبكة الأقمار الاصطناعية الأمريكية الموجهة على اليمن لصالح الحرب العدوانية ضد اليمن.
ثالثاً :تزويد جميع الطائرات الحربية المُغيرة التي تقذف يومياً بحمم صواريخها وبقنابلها على جميع محافظات الجمهورية، إن لم نقل على جميع مدنها وقراها، مما نتج عنه تلك الخسائر المادية والإنسانية الهائلة والتي شهد العالم من خلال التقارير المحايدة نسبياً حجم جرائم العدوان وآخرها تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
رابعاً : كارتيلات ومصانع السلاح الأمريكي العملاقة هي المزود الرئيسي لماكنة الحرب العسكري السعودي الإماراتي التي استمرت بالحرب العدوانية مُنذ انطلاقة عدوانها في نهاية مارس 2015م وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر، فأمريكا تبيع الأسلحة التقليدية والمحرمة دولياً وهي تعلم علم اليقين بأن ذلك السلاح يقتل اليمنيين، وشهد العالم بذهول، كيف كان حضور الرئيس دونالد ترامب إلى الرياض الذي وقع مع قادة السعودية صفقة القرن الخُرافية بمبالغ لم يصدقها العالم حتى اللحظة، إذ تم التوقيع على اتفاقيات تزيد عن 560 مليار دولار أمريكي، ولَم يكتفوا رعاة البقر بهذه الصفة المهولة، بل تمت دعوة ولي العهد السعودي لزيارة واشنطن ليتم العرض عليه وفي مشهد مُذل، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ العلاقات بين الدول بأن يعرض رئيس أمريكي على ضيفه في البيت الأبيض أنواع جديدة من الأسلحة مع أسعارها وكأننا في (سوق حراج لبيع السمك)، هكذا كان يعرض دونالد ترامب بضاعته جهاراً نهاراً أمام جميع عدسات الكاميرات العالمية، بمبالغ وصلت لعشرات المليارات، والتي ستوفر لسوق العمل الأمريكية بما يعادل 40 الف فرصة عمل، ليقول بعد كل ذلك المشهد، وبوقاحة للملك الشاب القادم لعرش السعودية (إنها بالنسبة لكم عباره عن فتات).
خامساً :مارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعبة الابتزاز الوقح بحق حكومات مجلس التعاون الخليجي وبالذات السعودية والإمارات، بقوله أنه لولا حماية الجيش الأمريكي فإنكم لن تصمدوا على عروشكم لأسابيع، ولذلك يجب عليكم الدفع السخي مقابل حمايتنا لكم، ومن هذه الزاوية ينطلقا وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين في شهادتهم المزورة، باعتبارهم شركاء في إراقة الدم اليمني وفِي إزهاق أرواح الآلاف من شهداء اليمن الأحرار.
يمكن لنا إيراد العديد من الأمثلة والوقائع للشراكة الاستراتيجية بين أميركا والسعودية والإمارات في حربهم على اليمن، لكننا نتوقف هنا لكفاية الأدلة ووضوح البراهين لمن أراد أن يستوعب طبيعة العدوان على اليمن في هذه الحرب القذرة التي ذهب ضحيتها الآلاف من الضحايا نتاج القتل المباشر، وتفشي الأمراض والكارثة الإنسانية التي وصفتها المنظمات الإنسانية الدولية بأن ما يحدث باليمن هي اكبر واخطر كارثة إنسانية عرفتها البشـرية بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا يكفي لفهم طبيعة المعاناة والوجع الغائر بالنفس اليمنية جراء عدوان السعودية، والامارات وبسلاح أمريكي وبغطاء دبلوماسي وسياسي غربي شامل كامل.
كيف أمكن لمسؤولي الإدارة الأمريكية أن يدلوا أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي بشهادة مزوره مفضوحة بأن ما يحدث من حرب عدوانية على الشعب اليمني، يقولون بأنها حرب يتم تجنب المدنيين آثارها، وللتذكير فحسب بأن السيد/ جيمس ماتيس – وزير الدفاع الأمريكي قد صرح في نهاية شهر أغسطس الماضي بذات محتوى التصريح حول حرب السعودية والإمارات على اليمن، لكن الوقائع في حدوث الجرائم على الأرض اليمنية تقول بعكس ما يقوله المسؤولين الأمريكيين تماماً.
ماذا إذَا ستقول لهم الأرواح الطاهرة التي فاضت لبارئها، وشلالات الدماء المُهدرة في ربوع اليمن التي عاشت جرائمهم من أحدث مسارح الجرائم في الدريهمي بالحديدة، وضحيان بصعدة، وأعراس ذمار، وجريمك الصالة الكبرى بالعاصمة صنعاء وسوق مستباء بحجه ومستشفى أطباء بلا حدود في حجه ، ومدارس الأطفال.
في صنعاء وجريمة سكن عمال الكهرباء بتعز، ولن نستطيع فعلاً حصر جرائمهم بحق المدنيين، أليست هذه أرواح يمانية مدنية طاهرة تم إزهاقها بتخطيط وتدبير وسلاح من إدارات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة، كلها جرائم حرب وبغطاء صهيوني أمريكي، نرددها بثقة عالية بأنها جرائم لن تسقط بالتقادم، والله أعلم منا جميعاً.
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/09/16