«الربيع الأوروبي» يدقّ أبواب القارة العجوز برواية ستيف بانون Steve Bannon !
محمد صادق الحسيني
كلّ شيء في طريقه إلى التغيّر في أوروبا بشكل خطير ودراماتيكي وبشكل متسارع، هذا ما تؤكده التقارير الميدانية الواردة من هناك…!
فألمانيا مثلاً كما تفيد الأخبار، فإنّ دخول الحزب اليميني الألماني المتطرف، ذي الجوهر النازي، والمسمّى حزب البديل Alternative Fuer Deutschland واسمه المختصر هو AfD، إلى البرلمان الألماني، لم يكن إلا أذن الجمل، أو ما يُعرف بقمة جبل الجليد، إذا جاز التعبير. وذلك لأنّ الوضع في ألمانيا قد وصل إلى درجة أعلى خطورة من الوضع السائد في فرنسا حالياً، مع فارق الأسباب والمسببات. إذ إنها في ألمانيا ليست اقتصادية أو اجتماعية وإنما عنصرية سياسية محضة، منطلقة من قاعدة معاداة المهاجرين والأجانب بشكل عام وداعية إلى تغيير النظام السياسي في ألمانيا بالقوة وليس بالوسائل الديموقراطية.
وهو ما دفع بالاستخبارات العسكرية الألمانية، المسؤولة عن أمن البلاد، إلى فتح تحقيق واسع النطاق وغاية في السرية والتعمق وفِي كل الأراضي الألمانية، حيث يشمل هذا التحقيق ضباطاً وجنوداً في الجيش الألماني، إلى جانب ضباط وجنود آخرين في الاحتياط، بالإضافة إلى ضباط وجنود شرطة وحرس حدود وغيرهم الكثيرون من المسؤولين الأمنيين والعسكريين ورجال الأعمال، إلى جانب موظفين كبار في الإدارات المحلية وغيرها.
أي أن الاستخبارات العسكرية قد اكتشفت شبكة يمينية نازية واسعة في البلاد يقوم أعضاؤها بشراء وتخزين الأسلحة، في أماكن آمنة تم استئجارها أو تملكها من قبلهم، كما يقومون بتخزين المواد الغذائية والذخيرة والمحروقات ويعدون الخطط لاستخدام آليات عسكرية في السيطرة على نقاط استراتيجية في البلاد. وذلك بانتظار الساعة الصفر التي يسمونها Day X، أي اليوم X، حيث سيقومون بحملة اعتقالات واسعة ترافقها حملة إعدامات ميدانية في كل أنحاء البلاد، وذلك حسب ما لدى الاستخبارات العسكرية من معلومات حول هذه الشبكة، التي يرأسها ضابط في الجيش الألماني اسمه هانيبال
Hannibal ، حسبما أكدت صحيفة دي تاغيت تسايتونغ taz
الألمانية بتاريخ 18/11/2018.
نعم قد يقول قائل إن الرأسمالية المتوحشة هي البيئة الحاضنة لما يحدث في ألمانيا وكذلك فرنسا وساحات أوروبا المرشحة الآن وإن السبب هو فشل الأحزاب الحاكمة في تحقيق العدالة والمساواة والأخوة والحريات…!
وإنها هي مَن أفرزت الفوارق الطبقية الكبيرة والهوة العميقة بين فئات الشعب المختلفة وأن الضنك الاقتصادي مثلاً في فرنسا وحدها أفرز أكثر من 6 ملايين عاطل عن العمل و10 ملايين فقير. وأن أسباب ما يحصل في ألمانيا هي غير أسباب ما يحصل في فرنسا إذ إن الوضع الاقتصادي هناك جيد وإن الأسباب عنصرية وليست اقتصادية، كما هي الحال في فرنسا
لكن مع ذلك ابحثوا عن ستيف بانون لتعرفوا بعض أهم أسباب ما يحصل أو في طريقه للحصول من «ثورات ملونة» هناك…!
فمَن هو ستيف بانون..!؟
ستيف بانون مواطن أميركي من أصل أيرلندي، ولد بتاريخ 23/11/1953.
حاصل على بكالوريوس هندسة عمارة / تخصص تخطيط عمراني/ من جامعة فرجينيا وشهادة ماجستير هندسة عمارة / التخصص نفسه أعلاه / من جامعة جورج تاون وشهادة ماجستير ثانية في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد.
خدم في البحرية الأميركية، على متن المدمرة USS
Paul F. Foster، في المحيط الهادئ منذ سنة 1967 لبضع سنوات.
أـصبح بعد ذلك مديراً للعمليات البحرية Chief of
Naval Operations في البنتاغون حتى سنة 1983.
بعد انتهاء الخدمة العسكرية عمل مديراً للاستثمارات في بنك غولد مان ساكس الشهير.
عمل خلال الحملة الانتخابية لدونالد ترامب مساعداً لترامب
في شؤون الاستراتيجية وتنظيم الحملة الانتخابية. طبعاً هو عضو في الحزب الجمهوري.
عيّنه الرئيس ترامب في منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض من تاريخ 20/1/2017 وحتى 18/8/2018.
هو معارض للتدخل الأميركي في أفغانستان وسورية وفنزويلا.
توجّه، بعد إنهاء خدمته في البيت الأبيض، للعمل في أوروبا لتحقيق مشروع استراتيجي يتمثل في:
تغيير الواقع السياسي الأوروبي، من خلال تغيير أنظمة الحكم في الدول الأوروبية، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، حيث يدعو بانون والمتعاونون معه إلى:
+ رفض الاتحاد الأوروبي بشكله الحالي خروج بريطانيا يندرج في هذه السياسة .
+ إعادة الحدود ونقاط المراقبة بين الدول الأوروبية الأعضاء
في الاتحاد الأوروبي وهو ما يعني إنهاءً للاتحاد وحرية التنقل بين دوله.
+ الكفاح ضد الإسلام المتطرف. وهذا هو بيت القصيد.
أنشأ من أجل ذلك منظمة أطلق عليها اسم: الحركة The Movement وافتتح لها مقراً دائماً في بروكسل/ بلجيكا، بالتعاون مع زعيم حزب اليمين هناك، ميخائيل مادريكامن Michael Madrikamen، وأنشأ
لها عشرة أفرع أخرى في دول أوروبية عدة، بينها ألمانيا حيث يتعاون مع حزب اليمين المتطرف AfD أي Alternative f r Deutschland أو البديل من أجل ألمانيا والذي نجح في دخول البرلمان لأول مرة في الانتخابات الأخيرة.
هدف المنظمة توحيد اليمين الأوروبي وإيصاله
للحكم في دول أوروبية عدة خلال الانتخابات المقبلة سنة 2019 في أكثر من دولة.
الهدف الثاني هو السيطرة على البرلمان الأوروبي السترات الصفراء تطرح هذا الطلب علناً .
مبدأ المنظمة الأيديولوجي ينص على المحافظة على روح الحضارة الغربية يعني عنصرية صافية .
والهدف السياسي إنشاء تحالف بين اليمين المتطرف والشعبويين في أوروبا وهذا ما تم تطبيقه في إيطاليا العام الماضي حين أنشئ تحالف بين حركة خمس نجوم الشعبوية وحزب رابطة الشمال اليميني المتطرف وهم الذين يحكمون إيطاليا حالياً…!
هذا يجعلنا نعتقد أن الجنرال ستيف بانـون لم يُقَل من عمله في البيت الأبيض، إنما فرّغته مؤسسة الدولة العميقة لمهمة أكبر وهي أوروبـــا!!!
الأسبـوع الماضي وفِي مؤتمر لشبونة في البرتغـال حذّر رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي سانشيز من خطورة صعـود اليمين المتطرف واجتياحه أوروبـــا بحلول 2020 في أكثر من دولة.
هذه هي حــرب الأميركي ضد أوروبا، بدأت بخطة تفكيكها عبر انسحـاب بريطانيا، بعد فشلهم في تفكيك الاتحاد عبر إغراق اليونان بالديون!!
والآتي أعظم.
هذا جانب من المشهد العاصف الذي يحصل في أوروبا الآن والذي يفترض أن يتعاظم أكثر فأكثر في الفترة المقبلة…!
نعم هو ليس كل المشهد بالتأكيد، لكنه جزء مهم وخطير من صورة الصراعات الدولية التي تنفجر اليوم في إحدى ساحات المشروع الإمبريالي الاستكباري العالمي الذي خسر وهزم هزيمة مدوية على أرض بلادنا الطيّبة والمقدسة على أيدي رجال الله في محور المقاومة.
يقول المثل الإيراني الشهير:
إذا ما اصطدمت محاريثهم بالصخور
تناطحت أبقارهم بالقرون….
بعدنا طيّبين، قولوا الله.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2018/12/17