«أنصار الله» تواصل تقدمها جنوباً: كبرى مدن الضالع في طريق السقوط
رشيد الحداد
التنازع العلني داخل جبهة «التحالف» أدى إلى تراجع معنويات القوات الموالية له (أ ف ب )
دخلت قوات الجيش واللجان الشعبية الأحياء الغربية والشرقية لمدينة قعطبة، مركز أكبر مديريات محافظة الضالع (جنوب)، ووصلت إلى قلب المدينة، فيما تراجعت القوات الموالية لـ«التحالف» إلى جنوبها. تقدم جديد للقوات المشتركة يفتح الباب على تطورات أكثر دراماتيكية في الأيام المقبلة، في وقت يستعر فيه الخلاف داخل الجبهة السعودية ــــ الإماراتية، منعكساً تضعضعاً في صفوف التشكيلات العسكرية التابعة لها
صنعاء | تنتظر قوات الجيش واللجان الشعبية إشارة البدء من صنعاء لإحكام سيطرتها على مدينة قعطبة، كبرى مدن محافظة الضالع، بعدما تمكنت خلال الأسابيع الماضية من تمشيط كل المناطق المحيطة بالمدينة، والتقدم إلى تخومها من ثلاثة محاور، وهو ما تسبب بإرباك كبير في صفوف القوات الموالية لـ«التحالف»، بشقّيها: الموالي للإمارات، والتابع للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، واللذين يحتدم الخلاف بينهما بسبب سقوط مواقع عسكرية استراتيجية كنقيل الشيم ومنطقة حمر وقردح بيد الجيش واللجان.
هذا التقدم في مناطق جبلية شديدة التعقيد دفع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي لأبو ظبي، إلى إعلان حالة الاستنفار، والحديث عن «اعتداء على الجنوب» في محاولة استثارة أبناء هذه المحافظات. إلا أن الرد كان من قِبَل قيادات جنوبية كبيرة تقود قوات الجيش واللجان في عدد من جبهات القتال في قعطبة والأزارق ومريس. وقد حاولت «أنصار الله» تجنيب مدينة قعطبة الدمار، بتنفيذها عملية التفاف على مناطق تخضع لسيطرة ميليشيا «الحزام الأمني» التابعة للإمارات، إضافة إلى سبعة ألوية عسكرية موالية لـ«التحالف». وقالت مصادر محلية، لـ«الأخبار»، إن قوات الجيش واللجان عزّزت مكاسبها على الأرض خلال الأيام الماضية، وتمكنت من تضييق الخناق على مناوئيها في سناح ومريس، كما حققت تقدماً كبيراً في الأزارق. وأضافت المصادر إن القوات المشتركة تمكنت، من خلال تنفيذ عملية التفاف ناجحة، من السيطرة على المجمع الحكومي لمحافظة الضالع في منطقة سناح، فضلاً عن سيطرتها على كل المواقع العسكرية القريبة من مبنى السجن المركزي في المحافظة. وأشارت كذلك إلى تقدم الجيش واللجان باتجاه منفذ سناح الرابط بين محافظتَي إب والضالع، وتمكنهما من عزل 12 موقعاً بعد سيطرتهما على معسكر الجميمة ومنطقة ريشان المطلة على معسكر الصدرين، وذلك «في إطار التكتيك الهادف إلى عزل مدينة قعطبة بالكامل، والسيطرة عليها بأقل الخسائر». وكانت القوات المشتركة قد أحكمت سيطرتها الأسبوع الماضي، بعد مواجهات عنيفة مع «الحزام الأمني» وكتائب موالية لهادي، على نقيل الشيم والقهرة، لتحاصر معسكر الصدرين من عدة جهات، وتضع منطقة وغول الديمة داخل طوق سيطرتها.
تساقط الخطوط الدفاعية للقوات الموالية لـ«التحالف» دفع ألوية «الحماية الرئاسية» التابعة لهادي إلى التدخل لتعزيز جبهات قعطبة، بعدما استعرت الاتهامات المتبادلة داخل الجبهة السعودية ــــ الإماراتية بالخيانة وتسليم عدد من المواقع العسكرية لقوات الجيش واللجان في قعطبة ومريس. إلا أن تدخل تلك الألوية قوبل برفض القائد العسكري الخَفِيّ لجبهة الضالع، الضابط الإماراتي «أبو مالك»، الذي يقود عمليات «الحزام الأمني». ومنذ اللحظات الأولى، حاول «الحزام» منع «الحماية الرئاسية» من الدخول إلى قعطبة، لينفجر الوضع بعد 24 ساعة، حين أقدم الأول فجر الأربعاء الماضي على مهاجمة قوات هادي التي تموضعت داخل مبنى إدارة أمن قعطبة. ووفقاً لرواية «الحماية» للأحداث، فإن القوات الموالية للإمارات هاجمتها من الخلف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، ما اضطرها إلى الانسحاب إلى خارج مدينة قعطبة واتخاذ قرار العودة إلى عدن. إلا أن «الحزام» اشترط خروجها من دون سلاح، وهو ما تسبب باشتباكات مسلحة بين الطرفين، سقط على إثرها قتلى وجرحى. كما تعرضت مجاميع أخرى من «الحماية» لحصار في مريس والأزارق، ومُنعت من العودة إلى عدن بسلاحها وعتادها. في المقابل، اتهم الطرف الموالي لأبو ظبي، «الحماية الرئاسية»، التي يقول إن معظم عناصرها ينتمون إلى حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، بـ«القيام بتهريب سجناء من سجن إدارة الأمن في الضالع، والهروب من عدد من المواقع العسكرية إثر تعرضها لهجوم من قِبَل قوات الحوثيين».
هذا التنازع العلني أدى إلى انهيار في معنويات القوات الموالية لـ«التحالف»، وهو ما دفع بمحافظ الضالع المُعيّن من قِبَل هادي، علي مقبل صالح، إلى محاولة رفع المعنويات، بإعلانه عن قيادة مشتركة لجميع القوات الموجودة في الضالع.
كما أعلن «الحزام الأمني» حالة الطوارئ والنفير العام في مناطق قعطبة وسناح وشخب، مع حظر تام للتجوال من الـ 9 مساءً حتى الـ 8 صباحاً، وحدّد 24 ساعة لحسم المعركة في الجبهات الثلاث، مطلقاً على العملية العسكرية اسم «معركة قطع النفس»، بـ«قيادة موحدة وغرفة عمليات مشتركة» تحت قيادة هادي العولقي.
تخوض القوات المشتركة معارك مع «الحزام الأمني» في جبهة ثرة في محافظة أبين
ومع فجر أمس الجمعة، أعلنت «قيادة العمليات المشتركة» تلك بدء العملية العسكرية لـ«تطهير الضالع ومريس وسناح»، ليقابَل ذلك بهجوم شرس مضادّ في أكثر من جبهة، أفقد القوات الموالية لـ«التحالف» توازنها خلال الساعات الأولى للمعركة، ودفعها إلى الانتقال من وضع الهجوم إلى وضع الدفاع. ووفقاً لمصدر عسكري في العاصمة صنعاء، فقد تمكنت قوات الجيش واللجان من كسر محاولة هجوم على عدد من المواقع في محيط مدينة الضالع، وباغتت المهاجمين بقصف عنيف ومكثف بمختلف الأسلحة على مواقعهم في قعطبة وبالقرب من سناح، وأجبرتهم على التراجع بعدما كبّدتهم «خسائر عسكرية فادحة».
يشار إلى أن قوات الجيش واللجان تمكنت، الشهر الماضي، من السيطرة على 1500 كيلومتر مربع في نطاق محافظتَي الضالع وإب، وحسمت سبع جبهات عسكرية، وألحقت بالقوات الموالية لـ«التحالف» خسائر بشرية ومادية. ومن المتوقع أن تتواصل المواجهات في ما تبقى من مناطق الضالع ولحج وأبين، حيث تخوض القوات المشتركة معارك مع «الحزام الأمني» في جبهة ثرة، الواقعة في نطاق مديرية لودر، في محافظة أبين.
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/05/11