الكونغرس والناتو يهدّدان باستبعاد تركيا...
د. هدى رزق
يبدو الكونغرس جاداً في الضغط على تركيا لتحديد خياراتها إذ تقدّمت لجنة الإنفاق على المساعدات الخارجية في مجلس النواب الأميركي بتشريعات تحظر على إدارة دونالد ترامب نقل طائرة «أف 35» إلى تركيا ما لم يقدّم وزير الخارجية مايك بومبيو تأكيدا بأنّ أنقرة قد ألغت خططاً لشراء صواريخ «أس 400» من روسيا، أيّ نظام الدفاع الصاروخي الروسي.
عمل بعض النواب الأميركيين على إصدار تشريع يحظر هذا البيع وسُمّي «قانون حماية سماء الناتو»، ورأى الكونغرس أنّ «تركيا تعرّض وقوع «أف 35» في الأيدي الخطأ، أيّ في يد الاتحاد الروسي. علقت إدارة ترامب بالفعل تسليم «أف 35» مع انّ تركيا تنتج جسماً ومكوّنات أخرى لطائرة الـ «أف 35»، ومن المحتمل أن تنسحب إذا مُنعت من الحصول عليها.
يحظر القانون الحالي بالفعل نقل طائرات «أف 35» إلى تركيا – على الأقل موقتاً ـ بينما تثق أنقرة بقدرة ترامب على تجاوز هذه المعضلة، فهي دعت الرئيس الأميركي إلى التنازل عن العقوبات التي سيحدثها البيع بموجب قانون «مواجهة خصوم أميركا من خلال العقوبات»، والذي أقرّه الكونغرس في عام 2017 على الرغم من اعتراضات الرئيس.
دعا نواب في الكونغرس إدارة ترامب إلى تنفيذ العقوبات المطلوبة في حال المضيّ في عملية البيع. وحذر القرار أيضاً من أنّ العقوبات قد تعيق حصول تركيا على أسلحة أميركية أخرى كنظام الدفاع الصاروخي باتريوت، وطائرات الهليكوبتر طراز بلاك هوك وطائرة «أف 16» المقاتلة.
أما على جبهة الناتو فالأمور تتوتر أكثر وتأخذ منحى تصعيدياً منذ احتفالية الناتو في المقرّ العسكري في بلجيكا وضمّ وفد قبرص إلى قائمة الضيوف، فالأمر الذي أدّى إلى رفض المسؤولون الأتراك الانضمام إلى الحفل لأنه تمّت دعوة القبارصة اليونانيين. لم يتراجع مسؤولو الناتو عن الدعوة المرسلة إلى جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى جانب قبرص… لم يكن من الممكن أن يرتكب مثل هذا الخطأ ببراءة. تغيّر موقف جنرالات الناتو في آذار/ مارس بعد ان نصح الكونغرس الأميركي بأنه طالما أصرّت تركيا على الحصول على «أس 400»، يجب أن لا يسمح لأنقرة شراء طائرات «أف 35» التي تريدها من الولايات المتحدة، مما سيؤدّي إلى «أزمة ثقة» بين تركيا والمقرّ العسكري لحلف الناتو والتي «تستغرق وقتاً طويلاً للتغلب عليها.
جرى إبعاد أكثر من 100 من الأفراد العسكريين والمدنيين الأتراك الذين يعملون في المقرّ العسكري لحلف الناتو عن الاجتماعات الهامة المتعلقة بالدفاع الجوي والاستطلاع والاستخبارات. مع انه بعد ثلاثة أيام من الحادث، اجتمعت الهيئة العليا لصنع القرار في حلف شمال الأطلسي – مجلس شمال الأطلسي، بقيادة الأمين العام ينس ستولتنبرغ وهو من النرويج يومي 6 و 7 أيار/ مايو الحالي في اسطنبول لحضور قمة الحوار المتوسطي. على هامش اجتماع الناتو، التقى ستولتنبرغ مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
هذه الزيارة التي قام بها رئيس حلف الناتو كانت تهدف في الواقع إلى إقناع أنقرة لحماية التحالف والأمن الإقليمي… ستولتنبرغ قلق من أنّ التوتر في الناتو في ما يتعلق بروسيا بسبب صواريخ «أس 400» قد يقوّض موقف الناتو ضدّ موسكو، وقد حذر محاوريه في أنقرة.
جهود ستولتنبرغ لم تكن مثمرة ومتأخرة للغاية في وقف التعاون العسكري المتنامي بين تركيا وروسيا، لأنّ أنقرة تتمسك بصفقة «أس 400» باعتباره انعكاساً لحقوقها السيادية. وقد يزور تركيا فريق من الجنود والفنيين الروس في أوائل حزيران/ يونيو لإجراء دراسة ميدانية على مواقع النشر المحتملة لبطاريات «أس 400»، ستتلقى تركيا كتيبتين من طراز «أس 400»، في بداية آب/ أغسطس ستبدأ الصواريخ وحوالي 10 مركبات في الوصول إلى تركيا. ايّ انه في شهر حزيران/ يونيو، أصبح شراء تركيا لصواريخ «أس 400» بمثابة تعاون مؤسسي بين البلدين.
كما أنّ حوالي 100 جندي تركي من صفوف الدفاع الجوي والإشارات والمدفعية والرادار وبعض الموظفين التقنيين المدنيين سيبدأون في نهاية شهر أيار/ مايو برنامجاً تدريبياً مدّته خمسة أشهر في روسيا. ومن المرجح أن يلغي الناتو التصاريح الأمنية التركية للأفراد العسكريين الذين يعملون مع أنظمة «أس 400»، وهذا بدوره يمكن أن يتسبّب في استبعاد تركيا من بعض وحدات الناتو المهمة بحجة «أمن المعلومات».
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/05/17