الأوضاع الكارثيّة لقوات حلف شمال الأطلسي المدرّعة!
محمد صادق الحسيني
في إطار الحوارات والتحليلات، الدائرة حول احتمالات تصاعد التوتر، بما في ذلك على الصعيد العسكري، بين موسكو وواشنطن، وفي ظل تزايد عدد التدريبات والمناورات العسكرية، وعمليات التجسّس الجوي والبحري لحلف شمال الأطلسي ضدّ روسيا، خاصة من محيط البحر الأسود، أيّ المنطقة العسكرية الجنوبية الغربية لروسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، ومنطقة بحر البلطيق، التي تشكل المنطقة العسكرية الشمالية الغربية لروسيا، ومركزها مدينة لينينغراد، في ظلّ هذا النقاش الدائر، بين العسكريين والاستراتيجيين، فقد قامت مجموعة منهم بإجراء شبه مقارنة بين القوات المدرّعة لكلا الطرفين، الروسي والغربي الأطلسي، اعتمدت على دراسة تشكيلات مدرّعة روسية وأخرى المانية.
وقد خلص هؤلاء الباحثون العسكريون الأوروبيون إلى النتيجة التالية:
1 – يتحمل الجيش الألماني العبء الأساسي، في مجال التدريبات والتحشيدات الأطلسية الموجهة ضدّ روسيا، بما في ذلك الجوانب اللوجستية من هذه النشاطات، التي تشمل كافة عمليات الإمداد والتزويد. وهو الأمر الذي يفرض على الجيش الألماني أن تكون وحداته المدرّعة في وضع مثالي، لأسباب عديدة، لا تتعلق بأعباء الإمداد فقط، والتزويد وانما بالاستعداد القتالي الفعلي في الميدان، وخاصة في مجال قتال المدرعات، التي سيكون عليها واجب:
ـ إما صدّ هجوم روسي مدرّع كاسح على خطوط دفاع حلف شمال الأطلسي استونيا ولاتفيا، في دول البلطيق وضدّ بولندا بشكل خاص.
ـ أو القيام بهجوم مدرّع لاختراق خطوط الدفاع الروسية، انطلاقاً من لاتفيا واستونيا باتجاه لينينغراد الروسية.
2 – وعلى الرغم من ضخامة المسؤولية الملقاة على سلاح المدرّعات الألماني إلا أنّ هذا السلاح لا يمتلك أكثر من مئتين وأربع وأربعين دبابة قتال ثقيلة، من طراز ليوبارد 2 / Leopard 2 / والتي سيصل عددها إلى ثلاثمئة وثماني وعشرين دبابة سنة 2023.
والأخطر من ذلك، حسب ما نشرته مجلة «شتيرن» Stern الألمانية، في وقت سابق، أنّ خمساً وتسعين دبابة فقط من المجموع العام صالحة للقتال، وذلك بسبب مشاكل تتعلق بقلة الصيانة وقلة قطع الغيار، التي ازدادت الحاجة إليها في السنوات الأخيرة بسبب زيادة عدد التمارين العسكرية لحلف شمال الأطلسي، التي تؤدّي الى استهلاك كبير لجنازير الدبابات وللتجهيزات الالكترونية الخاصة بإدارة تجهيزات الدبابة نفسها بالإضافة إلى أجهزة توجيه وتنسيق النيران… علماً أنّ هذا النقص ناجم عن ضعف الإمكانيات المادية المرصودة لذلك لأعمال الصيانة .
3- التفوّق العملياتي الكبير، الذي تتمتع به الدبابات الروسية، من طراز T 80 وT 90، بالإضافة إلى أحدث دبابة روسية في العالم، وهي دبابة أرماتا T 14، التي لا مثيل لها على الإطلاق والتي تعتبر سابقة لجميع الدبابات الغربية، بما لا يقل عن 15 عاماً. أيّ أنّ صانعي الدبابات الغربيين، بمن فيهم الأميركيون، بحاجة إلى 15 عاماً من أبحاث التطوير كي يتمكنوا من صنع دبابة بمواصفات دبابة T 14 الروسية الحديثة.
4 – يسوق هؤلاء الخبراء العسكريون أدلة عدة، على صحة ما يقولون، أهمها أن الدبابات الغربية غير مجهزة بما يكفي من وسائل الدفاع الذاتي ضد الصواريخ والقذائف المضادة للدروع، سواء تلك التي تطلق من الكتف أو المدافع المباشرة أو تلك التي تطلقها المقاتلات والمروحيات القتالية. وهم يستشهدون بقيام المقاتلين الأكراد بتدمير ثلاث دبابات تركية، من طراز Leopard 2 الألمانية الصنع، خلال المعارك التي خاضوها ضد الجيش التركي في سورية.
علماً أنّ الدبابات الأميركية، من طراز ابراهامز / ام 1 / والفرنسية من طراز لوكلير ليست أفضل من مثيلاتها الالمانية.
5 – وفي مقابل المشاكل، المالية والتكنولوجية والإدارية ونقص الإمكانيات القتالية، التي تعاني منها القوات المدرعة لحلف شمال الأطلسي، فإننا نرى تقدماً هائلاً في سلاح المدرعات الروسي، لا يقتصر على التفوّق لدبابة / تي 14 T 14 / الروسية وإنما يمتد ذلك إلى القدرة الإنتاجية لصناعة الدبابات في روسيا، التي ستسلم 2300 دبابة، من طراز تي 14/ T14، حتى نهاية سنة 2020 الصناعات الألمانية ستزيد عدد دبابات ليوبارد في الجيش الألماني من 244 حالياً إلى 328 سنة 2023…. كالفرق بين الثرى والثريا .
6- هذا كما تجب إضافة تطور هو غاية في الأهمية، يتعلق بالمنطقة العسكرية الروسية الغربية، التي تمتد من حدود موسكو حتى حدود دول البلطيق شمالاً، عبر الحدود مع روسيا البيضاء في الوسط، وصولاً إلى الحدود مع أوكرانيا في الجنوب. هذا التطور الهام يتمثل في إعادة تشكيل جيش المدرعات الخاص، أو ما يمكن تسميته جيش مدرعات الحرس الخاص في إشارة لحرس الحدود أو ما يسمى بالانجليزية: 1st Guard Tank Army.
هذا الجيش الذي تمّ تشكيله سنة 1942 وشارك في احتلال برلين وبقي معسكراً في ألمانيا الديموقراطية حتى زوال الاتحاد السوفياتي وتمّ حله سنة 1998، بينما بُدِئت إعادة تشكيله سنة 2016، حسب بيانات وزارة الدفاع الروسية، وأنجز ذلك في العام الماضي.
وهو يضم الآن أكثر من 800 دبابة من طراز / تي 80 T 80 / ودبابات تي 72 بي 3/ T – 72 B 3، وهي دبابات محدّثة بحيث أصبحت في مستوى أحدث الدبابات الغربية والروسية الحديثة. كما يضمّ هذا الجيش 800 مدرعة قتالية حديثة إلى جانب 1400 مدفع ثقيل وراجمة صواريخ ويصل تعداد أفراده إلى خمسين ألف جندي.
الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة وقيادة حلف الناتو إجراء يهدف إلى زيادة قوة الردع الروسية في مواجهة قوات الناتو، في المنطقة العسكرية الغربية، والتي تتولى الدفاع عنها قوات جوية وبرية وبحرية روسية هائلة، إلى جانب هذا الجيش الجديد القديم، الذي يكتسب جزءاً من أهميته وقدرته على الردع من تاريخه العريق ومن الدور الخاص الذي قامت به وحداته القتالية خلال الحرب العالمية الثانية ومشاركته في احتلال برلين. وفِي ذلك إشارة إلى المعنى الرمزي لدور هذا الجيش في احتلال برلين. وكأن الروس يخططون لإعادة احتلال برلين.
وبئس مثوى المتكبّرين.
بعدنا طيّبين قولوا الله.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/06/29