خطاب الخريطة.. نصر الله لموازين والأقدار...!
محمد صادق الحسيني
كنتُ قد عرضت على سماحته قبل مدة مشروع اقتراح جهة فلسطينية نافذة شراء قطعة أرض استراتيجية في حي الجراح في القدس قبل أن تقع في مخالب الصهاينة عبر وسطاء من الأعراب يعملون لدى العدو في عملية تهويد القدس وفلسطين، فكان جوابة حفظه الله:
ما عاد تحرز يا سيّد… سنستردّها مثل غيرها من الأراضي المقدسة قريباً محرّرة معزّزة بإذن الله…
اليوم وفي لقاء المنار العلم والأعلام والإعلام يذهب السيد الى ما هو أقرب وأعمق من ذلك عندما يقول:
بالمنطق وحسابات الزمن يفترض أنني أنا مَن سيُصلّي في القدس وليس أولادي أو أحفادي…
وأنّ معركتنا القادمة ستضع الكيان على حافة الهاوية وخط الزوال…!
ماذا يعني كلام سيد المقاومة هذا بحسابات الميدان…؟
1. إنّ الاستعدادات العسكرية، المتخذة في قوات محور المقاومة، للشروع في إطلاق المرحلة النهائية من الهحوم الاستراتيجي، الذي سيتوّج بدخول مدينة القدس، فاتحة ومحرّرة لها قد اكتملت…
2. وكذلك تلك المكلفة بتدمير ما يُسمّى بالجيش الإسرائيلي وما يُعرَف بقلب الكيان الصهيوني الرئيسي، القائم في وسط فلسطين المحتلة، وذلك بعد أن يكون تحرير الجليل قد أنجز تماماً وأنّ القوات المكلفة بتنفيذ تلك المهام الميدانية قد أصبحت في أعلى جهوزية قتالية وأنها لا تنتظر سوى فرج الله وساعة الصفر وتلقيها أوامر التحرك الى عمق فلسطين المحتلة.
3- إن إعلان السيد، بأنه سيُصلّي في القدس المحرّرة، لا يمكن إلا أن يعني، من ضمن عناصر أخرى عديدة، أنّ القيادة العامة لقوات حلف المقاومة وأركانها، بما في ذلك قوات الثورة الفلسطينية سواء في قطاع غزة او سورية ولبنان او العراق او اليمن، وربما في ساحات أخرى قد حشدت كافة القوات والأسلحة اللازمة لتنفيذ الهجوم وتحقيق النصر السريع والأكيد فيه، سواء كان ذلك من غطاء ناري صاروخي كثيف جداً تتقدّم القوات تحته إلى أهدافها المحدّدة داخل فلسطين المحتلة/ بالإضافة الى مظلة جوية متحرّكة، يديرها ضباط ومقاتلون، من سلاح الدفاع الجوي لقوات المقاومة، على شكل مجموعات من الحلقات النارية المتداخلة أو المتكاملة، أي التي تكمل فيها كل حلقة الحلقة الأخرى، والتي توفر الحماية من سلاح الجو المعادي للقوات التي تواصل تقدّمها في الميدان.
4. كما أن إشارة سماحة السيد حسن نصر الله الى التطوّر المعلوماتي، الذي شهدته أسلحة المقاومة وغرف عملياتها وتجهيزاتها الخاصة بالحرب الالكترونية، تؤكد بوضوح أن وسائط الحرب الالكترونية، التي تمتلكها قوات حلف المقاومة، ستكون قادرة على تعزيز الغطاء الناري أو التغطية النارية الصاروخية، للقوات المتقدّمة، وكذلك تعزيز الغطاء الجوي أو مظلة الدفاع الجوي لقوات المقاومة، والتي ستكون مرافقة لها خلال عمليات التقدّم داخل فلسطين المحتلة، وذلك من خلال قيام هذه الوسائط بما يلي:
أ تحييد كافة مراكز الاتصالات المدنية والعسكرية، في داخل الكيان الصهيوني، من خلال استخدام أسلحة الكترومغناطيسية أو كهرومغناطيسية، التي تمتلك منها قوات حلف المقاومة أكثر من منظومة، بمعنى منظومات متعددة تستخدم كل منها في ضرب نوع محدّد من الأهداف.
ب قيام وحدات الحرب الالكترونية، في قوات المقاومة، بعمليات سيطرة على الأجواء الفلسطينية المحتلة، وذلك من خلال إقامة ما يُطلق علية اسم : مظلة إعماء، وهي المظلة التي لا تنفذ أو لا تخرج منها أو تدخل اليها أية إشارات إلكترونية. والهدف من ذلك هو إصابة قواعد سلاح الجو الإسرائيلي بالشلل التام ومنع طائرات العدو من الإقلاع من قواعدها أو منعها من الهبوط على الأرض ثانية، في حال نجحت أيٌّ منها في الإقلاع.
ج ولعلّ من المفيد التذكير بأن المقاومة اللبنانية قد نجحت، سنة 1997 أي قبل 22 عاماً، في اختراق شبكات الاتصالات، في طائرات العدو من دون طيّار، وكذلك اختراق مقار القيادة والسيطرة على هذه الطائرات في وزارة الحرب الصهيونية، والحصول على كافة المعلومات التي تصل الى وزارة الحرب او التعليمات التي تصدر منها لكافة الوحدات القتالية الصهيونية، بما في ذلك وحدات النخبة والقوات الخاصه. وهو الأمر الذي أتاح لقوات حزب الله النجاح في إبادة قوة الإنزال البحري الجوي، في بلدة الأنصارية، في جنوب لبنان.
كما لا بد من التذكير بمناورات الإعماء الجوي المحدود، التي نفذتها قوات المقاومة في أجواء مطار اللد الفلسطيني المحتلّ مطار بن غوريون ، والتي كان آخرها ما تمّ في الفترة الواقعة بين 20/6 وحتى 27/6/2019. حيث أكدت القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية أن حركة الطيران في أجواء هذا المطار قد شهدت اضطراباً شديداً وعرقلة كبيرة نتيجة لمشاكل في انتظام تدفق إشارات نظام الملاحة الدولي، جي بي اس، المستخدم في تحديد المواقع والذي لا يمكن للطائرات أن تستغني عنه طوال مدة أي رحلة جوية.
فماذا عسى المقاومة أن تمتلك، من الأسلحة الالكترونية الحديثة، في الوقت الحاضر؟
لعل هذا البعض ما يحتفظ به سماحة السيد حسن نصر الله لمفاجأة العدو في الحرب المقبلة.
5. اما استعراض سماحة السيد حسن نصر الله، لخريطة فلسطين، وقيامة بتحديد وشرح طبيعة الأهداف التي سيتم قصفها وتدميرها، داخل الكيان الصهيوني، في أي حرب مقبلة، فإنما يدل ليس فقط على أن خطط العمليات جاهزة للتنفيذ من قبل قوات الحلف، وإنما كان القصد من وراء ذلك قطع الشك باليقين بأن الدمار الذي سيلحق بكل هذه المناطق جميعها، التي تمّ استعراضها على الخريطة، سيكون فوق الخيال. مما سيحوِّل هذا الكيان إلى أشلاء ممزقة، تشكل بداية زوال هذا الكيان عن الوجود، كما بداية رحلة عودة اللاجئين الفلسطينيين، من دول الجوار ومن الشتات، إلى قراهم ومدنهم المحتلة، سواء في المناطق التي احتلت عام 1948 أو تلك المحتلة سنة 1967.
6. كما أن شروحات سماحة السيد حسن نصر الله، حول قدرات ومديات صواريخ قوات المقاومة ودقة إصابتها أهدافها، هي رد حاسم وواضح وميداني على تبجحات نتن ياهو، التي أطلقها يوم 9/7/2019، من إحدى القواعد الجوية الصهيونية ومن وراءة طائرة / اف 35/ مهدداً بها إيران وسورية وغيرها من دول «الشرق الاوسط».
ونحن على يقين بأن سماحة السيد أراد أن يقول لهذا المتغطرس أن ما تهدّدنا به من «خردة الحديد والألياف الصناعية» لا يُخيفنا على الإطلاق. فخططنا جاهزة ونحن ماضون في تنفيذها. وعليك أن تتذكر أن ما تتغنى به من طائرة خفية على أجهزة الرادار ما هي الا طائرة فاشلة تم وقفها عن الطيران، منذ أكثر من شهرين، في سلاح الجو الأميركي، لما فيها من عيوب تقنية تجعلها غير قادرة على تأدية أية مهام قتالية.
ولنزيدك من الشعر بيتاً، أيّها المدعي والمرتجف خوفاً، ويا من تحاول تغطية حالة الرعب التي تعاني منها انت وجيشك، فلا بد من تذكيرك، وأنت المشغول في لملمة قضايا الفساد التي تحيط بك، بأن هذه الطائرة التي تتغنى بقدراتها قد أثارت سخرية قادة الجيش الكوري الشمالي ورئيس كوريا الشمالية، عندما أعلنت الولايات المتحدة عن تسليم كوريا الجنوبية طائرتين من هذا الطراز، حيث سارع قادة كوريا الشمالية بأن لدى جيشهم الأسلحة الخاصة القادرة على إسقاط هذه الطائرة.
ولعل قادة العدو يدركون ويفهمون أيضاً بأن من جملة ما ورد على لسان السيد بين السطور هو:
سبق السيف العذل، فلقد انتهت وانتفت أهميتكم الاستراتيجية بعد أن أصبحت قاعدة العيديد أكثر أهمية من كيانكم، بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، القاعدة التي أوكل لها تنفيذ عمليات حشد استراتيجي كبيرة وطويلة الأمد، ضد كل من ايران وروسيا والصين. وما قيام الولايات المتحدة، بالبدء بتسليم مقاتلات / أف 35/ لكوريا الجنوبية، وتسليم جزيرة فورموزا المعروفة باسم تايوان ، المنشقة عن جمهورية الصين الشعبية، منظومات قتالية متنوّعة قبل أيّام معدودة فقط، وما أعقب ذلك من رد فعل صيني حازم وحاسم على هذه الخطوة الاستفزازية الأميركية، الا أدلة إضافية على المأزق الاستراتيجي اليائس الذي يعاني منه سيدكم وكيانكم. ذلك المأزق الذي يزيد وهناً على وهن من بيت العنكبوت وهشاشةً على هشاشة.
7. أخيراً وليس آخر فقد ورد بين سطور خطاب الخريطة بأن الصراع الاستراتيجي الدولي قد انتقل عملياً الى الشرق الأقصى، شرق المحيط الهندي وبحار الصين وغرب المحيط الهادئ. وهو الأمر الذي يعني قرب انهيار الهيكل الصهيوني في الإدارة الأميركية، أي قرب البدء بتحطيم أعمدة هذا الهيكل، مثل مايك بومبيو وجون بولتون وأيليوت ابراهامز وغيرهم من عتاة المتطرفين، لأن المرحلة الحاليّة، من الصراع الدولي، تتطلب أدوات جديدة ليس من بينها كيانكم، أيضاً إن من يقرأ بإتقان وروية مقابلة سماحة السيد لا سيما من الخصوم سيكتشف أنه يقول لكم أيضاً في خطابة المفصلي الأخير:
انظروا الى حالة التأهب القصوى التي أعلنتها جمهورية الصين الشعبية، بين كافة وحداتها البحرية العاملة في بحر الصين الجنوبي جنوب غرب الصين باتجاة إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة ، وكذلك وحداتها في منطقة مضيق مالاقا، الرابط بين بحر الصين الجنوبي وشرق المحيط الهندي، وهو الممر البحري الأساسي من المحيط الهندي باتجاه الصين والمحيط الهادئ، عندها ستتأكدون أكثر فأكثر بأن عربدات واستعراضات نتن ياهو لن تنفعه في شيء ولن يكون بإمكانه إنقاذ كيانه من الزوال وهو الذي سيظهر مع كل دقيقة من الزمن تمرّ بأنه لم يكن سوى حاملة طائرات أميركية تمّ تنصيبها يوماً على اليابسة الفلسطينية وقد حان زمان تفكيكها…!
ولأن لكل زمان دولة ورجالاً. ودولة هذا الزمان هي دولة المقاومة ورجالها هم رجال الله الذين سيحررون فلسطين من بحرها إلى نهرها ويُعيدون أهلها إليها.
مع كل ما يعنيه ذلك من تغيّر في موازين القوى الدولية وما سينتج عن ذلك التغيير من إنهاء للهيمنة الأميركية على مقدرات العالم وانتقال مركز الثقل في العالم من الغرب إلى الشرق…!
فإن زمن القيامة الفلسطينية قد اقترب
ولا مناص حينها من الإذعان والقبول
بأن زمنكم وقدركم أيها الصهاينة الإسرائيليون ومعكم الإنجيليون الصهاينة وكل الأذناب المرتبطين بكم هو الرحيل والزوال…!
جراحنا وآلامنا مخاض ولادة
فيما جراحكم وآلامكم سكرات احتضار
«بعدنا طيبين، قولوا الله».
جريدةالبناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/07/15