المقاومة تصفع نتنياهو وتكسر الخطوط الحمر الصهيونية
حسن حردان
شكلت عملية المقاومة النوعية والقوية صفعة مدوية الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو.. فهي كشفت مدى حالة الوهن والضعف لهذا الكيان الذي أصبح يعاني من عقدة هزيمته أمام المقاومة وهو غير قادر على تجاوزها.. خصوصاً أنه بقي على أعصابه أياماً عديدة ينتظر تنفيذ المقاومة وعد قائدها سماحة السيد حسن نصرالله في الردّ على العدوان الذي نفذه العدو الصهيوني على الضاحية الجنوبية من بيروت وعلى مجموعة من شباب المقاومة في جنوب دمشق.. مسلماً بقدره ومتمنياً أن يكون الردّ أقلّ إيلاماً.. وقد حاول العدو تقديم أهداف بمثابة كبش فداء لتفادي ضربة موجعة لكن المقاومة لم تلبّ رغباته.. وقامت مجموعة من المقاومين باستهداف مدرّعة صهيونية قرب مستوطنة أفيفيم على بعد أربعة كيلومترات، وتمكنت من تدمير ناقلة الجند المدرّعة بصواريخ كورنيت وقتل وجرح من فيها من الجنود.. وطبعاً بالمفهوم الأمني والعسكري عندما تنجح المقاومة في تنفيذ مثل هذه العملية في ظلّ الاستنفار العسكري والأمني الصهيوني وتقوم بضرب العدو في وضح النهار، وهو يعرف مسبقاً أنّ المقاومة ستهاجمه، فإنّ ذلك يعني قدرة وكفاءة عالية المستوى لدى المقاومة أمنياً وعسكرياً على اختراق كلّ الإجراءات الأمنية الصهيونية والوصول إلى الهدف المستطلع مسبقاً..
وإلى جانب ذلك فإنّ هذا الردّ القوي من المقاومة أحبط خطط نتنياهو تحقيق إنجاز عسكري وأمني في مواجهة المقاومة انْ لناحية فشل عدوانه على الضاحية في ضرب هدف حساس للمقاومة، أو لناحية إخفاقه في إحباط ردّ المقاومة ومنعها من توجيه ضربة موجعة لجيشه الذي ظهر بحالة من الارتباك والضعف والخوف من المقاومة عبّر عنه بمشاهدة جنود العدو يفرّون من موقعهم في مستوطنة أفيفيم وترك الموقع خالياً خوفاً من استهدافهم من قبل المقاومة، الأمر أصاب نتنياهو بالخيبة وقطع الطريق عليه في محاولة استعادة قدرة الردع المفقودة لدى جيشه منذ عام 2000 لتوظيف ذلك في حملته الانتخابية بتعزيز شعبيته، وبالتالي تحقيق فوز يمكّنه من تشكيل الحكومة وتفادي الملاحقة القضائية بتهم الفساد الموجهة إليه.. وطبعاً أدّى فشل نتنياهو ونجاح المقاومة في إعادة تثبيت وتعزيز قواعد الاشتباك التي كرّسها انتصارها عام 2006 على جيش الاحتلال إلى توفير مادة لدى المعارضة الصهيونية لاتهام نتنياهو بالمسؤولية عن توريط الكيان الصهيوني في مواجهة خاسرة مع المقاومة تسبّبت بالمزيد من إضعاف معنويات الجيش الصهيوني وقدرته الردعية وانعدام ثقة الصهاينة بقدرة جيشهم على حماية أمن الكيان وتحقيق النصر في أيّ حرب تحصل في المستقبل..
وإذا كان نتنياهو قد حاول التمويه على فشله والتقليل من أهمية ووقع عملية المقاومة من خلال التعمية على الخسائر التي وقعت في صفوف الجنود الصهاينة.. فإنّ عرض المقاومة فيديو مصور أظهر لحظة تنفيذ هجوم المقاومة وتدمير ناقلة الجند بشكل لا يمكن أن يخرج منها الجنود إلا قتلى وجرحى أحرج نتنياهو أمام الرأي العام الصهيوني وكشف كذبه وعدم تعامله بشافية ومصداقية.. هذا المشهد لعملية المقاومة.. والتي كان جيش الاحتلال لديه علم مسبق بها وكان ينتظرها وهو في أقصى درجات الاستنفار.. إنما تؤكد من جديد كسر المقاومة شوكة هذا الجيش الذي كان يوماً يصوّرعلى أنه كلي الجبروت وقوة لا تقهر وأنّ يده طويلة.. وتؤكد أنّ الحقيقة باتت معاكسة تماماً، فمن بات يملك اليد الطولى هو المقاومة التي أثبتت انها هي من يملك أيضاً القدرة على مقارعة جيش الاحتلال وإلحاق المزيد من الضربات به وإظهار على حقيقته قوة مهزومة غير قادرة على مواجهة المقاومة والحيلولة دون حصول عمليتها في وضح النهار، الأمر الذي أكد من جديد نجاح المقاومة في فرض معادلتها الردعية وإذلال العدو وتوجيه المزيد من الضربات له التي تؤكد على مدى التحوّل الحاصل في ميدان المواجهة لمصلحة المقاومة..
من هنا فإنّ عملية المقاومة إنما جاءت لتكرس حقيقة تحطيم اسطورة جيش الاحتلال وتكشف بأنه على الرغم من الأسلحة المتطوّرة والمدمّرة التي يملكها إلا أنه أصبح يفتقد للقدرة في الانتصار على المقاومة لا بل كشفت عن أنّ ضباطه وجنوده ليس لديهم الاستعداد لقتال المقاومين بعد أن أصبحت المواجهة معهم محفوفة بمخاطر تعرّضهم للقتل، فهؤلاء الضباط والجنود ليس لديهم قضية كي يضحوا من أجلها.. هم في السابق كانوا يحققون الانتصار ويحتلون الأرض ليس لأنهم كانوا يملكون روح القتال والاستعداد للتضحية بأنفسهم.. وإنما لأنهم لم يكونوا يواجهون مقاومة حقيقية تملك الجاهزية والقدرة على القتال والاستعداد للاستشهاد في مواجهة عدو يحتلّ الأرض ويغتصب الحقوق..
انه زمن المقاومة المنتصرة على العدو، التي تؤكد أنّ زمن الهزائم قد ولّى الى غير رجعة، وأنّ كيان الاحتلال بات في مأزق استراتيجي وتكتيكي يجعله عاجزاً عن شنّ الحرب لعدم قدرته على تحقيق النصر فيها.. ولعدم قدرته على العودة الى زمن العربدة في اعتداءاته واستعادة قدرته الردعية..
المقاومة من خلال ردّها القوي على العدو وكشف جبن جيش الاحتلال وعدم قدرته على مواجهة المقاومين أعادت من جديد بعث الصورة المشرقة للمقاومة لدى المواطن العربي وتعزيز ثقافة المقاومة لديه وترميم شعبيتها لبنانياً وعربياً والتي حاول مشروع الفتنة الأميركي الصهيوني الرجعي العربي النيل منها.. وأكدت المقاومة انها قادرة على الدفاع عن السيادة اللبنانية في وجه الاعتداءات والأطماع الصهيونية وأنّ لبنان قوي بمقاومته ومعادلته الذهبية.. الجيش والشعب والمقاومة.. وانّ زمن لبنان القوي بضعفه قد ولّى.. وأنّ المقاومة باتت قادرة على رسم الخطوط الحمراء في المواجهة مع العدو الصهيوني وكسر خطوطه الحمراء التي حاول رسمها بعد هزيمته عام 2006… وأنّ المقاومة نجحت في نقل المواجهة مع العدو إلى داخل فلسطين المحتلة.. لذلك يمكن القول إنّ حماقة نتنياهو انقلبت عليه وعلى كيانه المحتلّ.. وأنّ المقاومة عززت من معادلاتها الردعية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.. ولهذا فإنّ الصهاينة سوف يحمّلون نتنياهو المسؤولية عن هذه النتيجة التي أدّت الى إلحاق المزيد من الضعف بقدرة الردع الصهيونية.. وتوحد لبنان خلف المقاومة.. والقضاء على كلّ الجهود التي بذلت أميركياً وصهيونياً على مدى سنوات مضت للنيل من شعبية المقاومة…
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/09/03