العدوان السعودي الاماراتي يعود للتصعيد: مؤشّرات التهدئة تتلاشى
رشيد الحداد
من فعاليات إحياء الذكرى السنوية لمجزرة الصالة الكبرى في صنعاء (أ ف ب )
لم يصمد الهدوء الذي أعقب تصريحات خالد بن سلمان سوى 48 ساعة، ليبدأ التصعيد من جديد في مختلف المناطق، لاسيما الحديدة والضالع، مبدّداً التفاؤل بإمكانية نجاح مبادرات الجنوح نحو هدنة. في الأثناء، ظهرت مؤشرات على نية الرياض وأبو ظبي الاستثمار في مفاوضات جدة للخروج باتفاق يُعيد جمع القوى المتناحرة في الجنوب على قتال «أنصار الله» وحلفائها في عمليات مشتركة
صنعاء | يتجه تحالف العدوان السعودي الإماراتي ضد اليمن للترتيب لجولة أخرى من التصعيد العسكري في عدد من جبهات القتال. فكل المؤشرات على الأرض تفيد بأن الرياض تظاهرت بالتعاطي الإيجابي مع مبادرة رئيس «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء مهدي المشاط، بوقف الهجمات الجوية اليمنية على السعودية (أعلنت عشية 21 سبتمبر / أيلول الماضي)، وذلك بهدف تأخير أيّ ضربات يمنية وتأجيل أيّ تصعيد بري، وحتى تعيد قوات العدوان ترتيب صفوفها المبعثرة في الحدّ الجنوبي للمملكة بعد نجاح عملية نجران، وصفوف حلفائها في الداخل. واستأنف «التحالف» غاراته الجوية على عدد من المحافظات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وقصفه المدفعي على القرى الحدودية في محافظة صعدة، بالتزامن مع تصعيد عسكري على الأرض في جبهتَي الحديدة والضالع وجبهات الحدود ومحافظة الجوف، بعد أن خفّض عملياته الجوية في الأراضي اليمنية أواخر الأسبوع الماضي ليومين فقط، عقب تصريحات نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، عن أن الرياض تنظر إلى مبادرة صنعاء بإيجابية.
صنعاء، التي أتاحت هامشاً واسعاً للتجاوب مع مبادرة المشاط، حذّرت أول من أمس السعودية من المراوغة واستخدام المبادرة لكسب المزيد من الوقت، ولوّحت بسحبها والعودة إلى الخيار العسكري وتنفيذ خطط العمليات على الأرض وتدشين «مرحلة الألم الكبير». وتوعّد المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، قوات «التحالف» بالرد المناسب على كلّ عمل عدائي بحجمه ومستواه. واعتبر سريع، في مؤتمر صحافي في صنعاء عصر الثلاثاء، أن استمرار الغارات الجوية يدلّ على عدم وجود نوايا حقيقية لدى تحالف العدوان للانتقال إلى مرحلة جديدة يسود فيها السلام، مؤكداً أن أيّ تصعيد عسكري سيقابَل بالمثل. ولفت إلى أن «الحصار الخانق على رأس الأعمال العدائية، ونتعامل معه على أنه عمل عسكري، ويحق لنا اتخاذ ما يلزم لرفع الحصار بما في ذلك الضربات العسكرية في عمق العدو»، منبهاً إلى إمكانية الرد «على الاعتداءات التي تطاول المواطنين من أبناء الحديدة باستهداف نقاط تجمع ومراكز حساسة للعدو في الساحل الغربي».
حاولت قوات «التحالف» تنفيد عملية عسكرية في عسير وجيزان
وبموازاة استمرار الحديث عن وجود مساعٍ للتهدئة مع السعودية، شنّ طيران «التحالف» سلسلة غارات على محافظات الحديدة وحجة وصعدة ومحافظة صنعاء، فيما بدأت قوى العدوان تنفيد عملية عسكرية في عسير وجيزان، بشنّها أربع هجمات باتجاه مواقع قوات الجيش واللجان بمشاركة طيران الـ«أباتشي»، توازياً مع محاولتها تصعيد الوضع عسكرياً في مديرية نهم شرقي صنعاء بإسناد جوي مكثف. وتمكنت القوات اليمنية المشتركة من إفشال أكثر من عملية تقدم، وتصدّت لعمليات هجومية نفذتها قوات موالية لـ«التحالف» في شمال غرب مدينة حيس، وعدد من المناطق شمال منطقتي الفازة والجبلية في مديرية التحيتا، كما أفشلت محاولة تقدم لتلك القوات غرب مفرق الوازعية التي تُعدّ امتداداً للساحل الغربي والواقعة في نطاق محافظة تعز. واتسعت دائرة التصعيد العسكري لتطاول بعض مناطق مدينة الحديدة الشرقية خلال الأيام الماضية، على رغم وصول رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» الجديد، الجنرال ابهيجيت جوها، والوفد المرافق له إلى صنعاء لمباشرة عمله في الحديدة. وفي الجوف، تشهد جبهة المتون تصعيداً عسكرياً من قِبَل القوات الموالية للعدوان في جبهة حام، في حين يحاول «التحالف» تصعيد عملياته العسكرية في مواقع قريبة من مديرية الظاهر الواقعة على الحدود بين نجران وصعدة. ويتزامن التصعيد الأخير مع إعادة ترتيب صفوف القوات الموالية لـ«التحالف» في مناطق حدودية بين محافظة حجة اليمنية وجيزان السعودية قبالة مديرية حرض.
ومع اقتراب توصّل «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، في مدينة جدة، إلى اتفاق برعاية سعودية ومشاركة إماراتية، وفق ما يتم الترويج له، يبدو أن المطلوب دمج الميليشيات الموالية للإمارات في المحافظات الجنوبية في إطار القوات الموالية لحكومة هادي، مقابل توجيه تلك القوات بتفعيل جبهات البيضاء وعقبة ثرة في أبين، وتصعيد الأوضاع في جبهات نهم والساحل الغربي.
وفي هذا الإطار، صعّد العدوان عملياته العسكرية في جبهة الضالع. ووفقاً لتوجيهات سعودية إماراتية، نفّذت القوات لموالية لحكومة هادي، كـ«اللواء 82 مشاة» و«اللواء الأول مقاومة» و«اللواء الأول حرس حدود» عملية مشتركة مع ميليشيات «الحزام الأمني» وميليشيات «الدعم والإسناد» و«قوات الأمن الخاصة» و«قوات الصاعقة»، ومعظمها موالية للإمارات، عملية هجومية مشتركة على مواقع الجيش واللجان في جبهة حجر ومنطقة الفاخر غربي الضالع ومواقع أخرى تقع في نطاق مديرية قعطبة. كما حاولت التقدم شرق قعطبة وحبيل السماعي باتجاه جبهة حمك، والتوغّل باتجاه مناطق تقع بين محافظتَي الضالع وإب. وعلى رغم ادعاء القوات الموالية لـ«التحالف» سيطرتها على مدينة الفاخر شرق قعطبة، إلا أن مصدراً عسكرياً في الجيش واللجان نفى سقوط الفاخر، وأكد تصدي قوات صنعاء لتلك المحاولة، وإفشال مخطط التقدم نحو مناطق بين إب وقعطبة. كذلك، دفع «التحالف» بقوات إلى مناطق واقعة بين مديريتَي المسيمير في محافظة لجح ومديرية ماوية في محافظة تعز، في محاولة منه لإحداث اختراق جديد نحو تعز، وفتح جبهة إضافية هناك بهدف تشتيت جهود قوات الجيش واللجان، وهو تكتيك سبق أن فشل على مدى السنوات الماضية.
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/10/11