كليمة البحر بيروت بين الحقيقة والتضليل…!
محمد صادق الحسيني
بيروت
يا كليمة البحر
بيروت يا روح المدن
بيروت يا كتف الجبل الأشم
ستخرجين متألقة وأجمل مما كنت
رسموا لك إشارة الموت
لكنك غلبتِهم بإرادة الحياة
بيروت لا تُحرَق
ولا تغرق
تشرب من كأس من معين
بيروت بلد الأمين
الأمين على الدماء وعين اليقين
وتنهض كطائر الفينيق
بيروت هذه تغار منها تل أبيب كما تغار منها سيدتها واشنطن وتريد أن تنتقم منها، لأنها عقدت قرانها على المقاومة ومعها، والذين تسبّبوا في تفجيرها إهمالاً أو تورّطاً يحاولون عبثاً حرف الأنظار عن المجرم الحقيقي، كما هو آتٍ:
فعلى الرغم من أنّ كافة عقلاء الأرض وخبرائها ومطلعيها بأنّ الانفجار الذي حدث في ميناء بيروت مساء 4/8/2020 لا علاقة له بحزب الله لا من بعيد ولا من قريب إلا انّ وسائل الاعلام الإسرائيلية، المسيطر عليها والموجهة من الأجهزة الأمنية تصرّ ومنذ اللحظة الاولى لوقوع الكارثة، وبالتناغم مع وسائل إعلام نواطير النفط في الخليج، على إطلاق حملة منظمة ضد حزب الله، وان بشكل غير مباشر في الاعلام الإسرائيلي على الاقل.
فها هو موقع صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلي مثلاً ينشر موضوعاً رئيسياً تحت عنوان:
نصر الله هدّد بتفجير “إسرائيل” بالمواد الكيماوية نفسها التي انفجرت في بيروت. كما واصل الموقع خطه الهجومي هذا فوق موضوعات أخرى، اشار فيها الى ان حزب الله يُخزِّن السلاح في المناطق السكنية، ثم يتساءل الكاتب عما اذا كان الحزب سيخلي ترساناته العسكرية من المناطق السكنية، وذلك في تحريض واضح للشعب اللبناني ضد حزب الله.
ولم يقتصر التحريض الإسرائيلي على الساحة اللبنانية فقط، بل إنه وصل الى بريطانيا، حيث نشر كاتب إسرائيلي آخر، وفي الموقع المذكور نفسه أعلاه، موضوعاً يدعي فيه ان حزب الله قد قام بتخزين مواد كيماويه شبيهة، لتلك التي انفجرت في بيروت، خلف مدرسة في لندن العام الماضي. كما طالب وزير الخارجية الإسرائيلي دول اميركا اللاتينية، خلال اجتماع له مع سفراء تلك الدول في الكيان، بحظر نشاط حزب الله وإعلانه منظمة إرهابية في دول اميركا اللاتينية.
اذن، ها هم نواطير النفط في الخليج وأركان القاعدة العسكرية الاميركية في فلسطين، والتي تسمى “إسرائيل”، يعلنون عن بدء الاستثمار السياسي في كارثة انسانية حلت بلبنان، بغضّ النظر عن الأسباب والمسبّبات، وحتى قبل صدور أي تقارير رسمية من طرف الحكومة اللبنانية، التي تجري تحقيقات معمّقة للوقوف على الأسباب التي أدت الى وقوع الانفجار، وذلك تمهيداً لحملة سياسية قادمة ضد حزب الله، تهدف الى إعادة طرح موضوع سلاح المقاومة على طاولة البحث والمساومات السياسية.
نقول للصهاينة الدجالين:
بغض النظر عن كذب ادّعاءاتكم، حول تخزين الحزب للأسلحة في المناطق السكنية، وإيحاءاتكم بأن مادة نترات الأمونيوم، التي انفجرت في ميناء بيروت، هي مادة استوردها حزب الله وقام بتخزينها في الميناء، إن ما عليكم أن تعلموه أن هذه المادة، التي تخزنون منها عشرات آلاف الأطنان في محيط ميناء حيفا، أي في المناطق السكنية المحيطة بالميناء، هي مادة قابلة للانفجار بسهولةً حتى دون قيام أحد بالتسبّب بتفجيرها.
اذ إنها، وكما قال السيد رولاند الفورد ( Roland Alford )، مدير شركة ألفورد تيكنولوجيز ( Alford Technologies )، وهي شركة بريطانية متخصصة في التخلص من المتفجرات، قال إن هذه المادة قابلة للانفجار عند تعرّضها لدرجات حرارة عاليةٍ حتى من دون أي أسباب أخرى. وهذا ما يعرفه الخبراء العسكريون في حزب الله، الذين لم تشهد مستودعاتهم وعلى مدى قرابة الأربعين عاماً أي أحداث من هذا النوع، نتيجة حرصهم الشديد على تخزين أسلحتهم بالطرق السليمة وفي الأماكن المناسبة، على العكس من جيشكم وحكومتكم، التي رفضت حتى الآن وتتعلل حالياً في نقل حاويات الأمونيا الضخمة، من حول ميناء حيفا الى أماكن آمنة، على الرغم من المظاهرات المتكرّرة التي يقوم بها السكان المحليون للمطالبة بذلك.
وبالعودة الى ما تخططون له من مؤمرات، ضد حلف المقاومة بشكل عام وحزب الله وسلاحه بشكل خاص، فعليكم أن تعلموا ما يلي:
أن التهديدات المبطنة ضد إيران وحلف المقاومة، التي تروجون لها بطرق غير مباشرة، من خلال تسريبات من أجهزتكم الأمنية لكتاب وصحافيين أميركيين، كالتسريبات التي نشرها الكاتب الاميركي روبرت فارلي (Robert Farley )، في مجلة ذي ناشيونال انتيريست ( The National interest ) الاميركية، يوم أمس 4/8/2020، حول احتمالات قيام “إسرائيل” بتوجيه ضربة نووية الى إيران او غيرها، وتحويل “الشرق الأوسط “الى بحر من النيران، ان هذه التهديدات وغيرها لن تخيف إيران ولا بقية حلقات محور المقاومة، ولن تثني هذا المحور عن استكمال استعداداته لشن المرحلة الأخيرة من هجومه الاستراتيجي، الهادف الى تحرير القدس وإنهاء وجود دويلة الاحتلال الإسرائيلي وتهديدها المباشر لكافة دول وشعوب الإقليم وليس فقط للدول العربية المحيطة بها.
ولنا في موضوع سد النهضة الإثيوبي المدعوم والمسنود إسرائيلياً خير مثال على الخطر الإقليميّ وحتى العالمي الذي تشكله هذه القاعدة العسكرية على الأمن والسلام والاستقرار في العالم.
إن قصف إيران، سواءً بأسلحة تقليدية او نووية، لا يتطلب امتلاك “إسرائيل” صواريخ بعيدة المدى، مثل صاروخ اريحا /3 الذي يبلغ مداه أحد عشر الف كيلومتر.
2) انّ كلّ ما تقومون به، من محاولات لاستثمار الألم الشعبي العام، في لبنان بعد الانفجار، وتحويله الى موجة غضب ضد حزب الله وسلاحه، كما استثمرتم اغتيال الحريري لإخراج الجيش السوري من لبنان عام 2005، ليس سوى وهم وسراب سيتبخر سريعاً لأن الشعب اللبناني لن يركع ولن يستسلم وأنتم خير من خبره. ولعل من المفيد تذكيركم باتفاقية 17 أيار 1983، التي أسقطها الشعب اللبناني البطل، وكرّس إسقاطها عبر مقاومة ولدت من رحم الشعب، وألحقت بكم الهزيمة تلو الهزيمة، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
3) كما عليكم ان تتيقنوا من أن الخسائر البشرية والمادية الهائلة، التي تعرّض لها الشعب اللبناني يوم أمس، لن تؤدي الى تمزيق وتفتيت هذا الشعب الصامد ولا الى رحيله عن دياره وتخليه عن وطنه، على عكس ما سيحدث لمستوطنيكم الطارئين الذين يغتصبون أرض الشعب الفلسطيني منذ 72 عاماً، حيث إنهم سيبدأون بالرحيل الى اوطانهم الأصلية وغيرها بعد سقوط اول رشقة صواريخ ثقيلة، من قوات محور المقاومة، على تل أبيب وغيرها من تجمعاتكم الاستيطانية.
4) ودليلنا على ذلك هو تقهقر جيشكم الى عمق ثمانية كيلومترات، داخل حدود فلسطين، لمجرد تخوّفكم من الضربة الانتقامية التي ترتقبونها من حزب الله رداً على استشهاد أحد ضباطه، في غارةٍ لطائراتكم على مطار دمشق أواخر الشهر الماضي. فاذا كان جيشكم يخلي مواقعه، حتى قبل أن تطلق قوات المقاومة طلقة واحدة، فما بالكم كيف ستكون أحوال مستوطنيكم، الذين وعدتموهم بالعيش في أرض السمن والعسل، وها هم يعيشون في أرض مغتصبة تفتك بهم الأوبئة وأنتم عاجزون حتى عن علاجهم، علاوة على الرعب الذي يعيشونه سواءٌ في الشمال أو الجنوب؟
نقول لكم يا من تشترون الوقت لأيام إضافية لكيانكم بان الرد آت حتماً وأن الشعب اللبناني منتصر عليكم لا محالة وقوات المقاومة في أعلى جهوزية وعلى كافة الجبهات لردكم ومن ثم طردكم، وهي الأقدر على تحويل عذابات الشعب وآلامه وجراحه الى انتصارات.
بيروت هذه التي فجّرتم ميناءها بشكل مباشر أو غير مباشر هي بعين السيد الأمين، ودماء بيروت المقاومة هذه ستطيح بكم واحداً واحداً، ومقاومة لبنان سترمي بالعملاء والمرجفين بالمدينة الى مزبلة التاريخ.
على صخرة مقاومتك وثباتك واستقامتك يا سيد ستتكسر كل موجاتهم. لن ينالوا منك ولن ينالوا من جمهورك ولا من شعب لبنان ولو بهيروشيما المرفأ. كالطود أنت شامخ، ابحر بنا الى حيث تشاء ويا جبل ما يهزك ريح…
بعدنا طيبين قولوا الله.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/08/07