آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي الدربولي
عن الكاتب :
كاتب سوري

الرئيس الأميركي”دونالد ترامب” الصعود نحو الهاوية: يطلب من المملكة العربية السعودية (4) مليارات دولار أميركي وينسحب من سورية؟!

 

علي الدربولي

يُثبت يوما بعد يوم أن “دونالد ترامب” التاجر ورجل الأعمال، هو نفسه دونالد ترامب الرئيس. يقوم بالضغط لقاء ثمن على:
-المنافسين
-الخصوم
-الأتباع
في التجارة وفي السياسة وفي الحرب، كل شيء له ثمن. حتى الآن يعمل الرئيس جابيا لأموال أميركية بشتى الطرق، كما فعل مع المملكة العربية السعودية ، وكما أنذر غيرها من الدول (الأتباع) بضرورة دفع ثمن حمايتها وتسديد أموال المعونات والهبات والمساعدات التي كانت أميركا قد التزمت بها تجاهها، لقاء دورانها في فلك مخططها الاستراتيجي على المستوى الدولي!.

*بعد انسحاب أميركا من العراق استبدلت نظرية تدخلها العسكري المباشر، حماية لمصالحها في العالم، فاستقر ذلك التدخل لأن يكون بشكل غير مباشر كما ظهرت بوادر ذلك عبر إعطاء الأمر في عام 2006م  لـ(إسرائيل) للقضاء على حزب الله في لبنان، وقد ثبت أنه لأول مرة كانت (إسرائيل) تحارب تظهيرا لنظرية (الفوضى الخلاقة) التي عملت عليها طويلا وزيرة الخارجية الأميركي في حينه “كونداليزا رايس” ومن ثم جاءت مجموعات (الربيع الأحمر العربي) الإرهابية وعلى رأسها تنظيم (داعش) التي اعترفت وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس “باراك أوباما” هيلاري كلنتون أن أميركا صنعته، وقد حاول الرئيس دونالد ترامب الاستفادة من هذا الاعتراف فسوقه كسلبية من سلبيات الحزب الديمقراطي في حملته الانتخابية. عند هذه النقطة، وبعد الفوائد التي حصلها من السعودية عبر تهديدها، أيضا في حملته الانتخابية، بما يعني : أنه سيرفع المظلة الأميركية الحمائية عنها، إذا لم تدفع مئات مليارات الدولارات ثمن تلك الحماية التي امتدت من وقت اللقاء الشهير بين الرئيس “روزفلت” والملك السعودي “عبد العزيز ” عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م. ألم تستشعر أوروبا ذلك؟ فيلتف عليها التاجر الرئيس″ترامب” ويرفع نسب الضرائب على المستوردات النوعية منها. فتسدد أوروبا بطريقة (مهذبة) وسيادية على مستوى القرار الأميركي جميع أموال مساعدات  ” مشروع مارشال” التي خصصتها أميركا لأوروبا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية.

*يطلب الرئيس “ترامب” مبلغ(4) مليارات دولار من “السعودية” كلفة تدخل وانسحاب أميركا من سورية، كما انتشر في بعض وسائل الإعلام.لماذا:

تسوق أميركا دائما خطر شبح الحرية والديمقراطية بين تلافيف تشكل الممالك والإمارات العربية المتحالفة مع أميركا، وتعتبر أن أي تطور مهم في هذا الاتجاه في الدول العربية الأخرى، وخاصة في سورية ومصر والعراق، لا بد سيلقي بظلاله على أنظمة حكم هؤلاء ، إن لم يكن بالعدوى، يكون بالمماثلة ذات الصلة باستعادة المواطن في تلك الممالك والإمارات حريته وكيانه الذاتي وشخصيته الإنسانية، عندما كانت النظرة إليه من قبل حكامه أقرب ما تكون إلى الشيء المملوك؟! لذلك استهدفت حرب 1967م سورية ومصر المرعية أميركيا، برضى، وربما معه (تغطية نفقات) تلك الحرب من قبل دول الخليج العربية النفطية، ولذلك أيضا كان استهداف العراق واحتلاله وتشويه ركائزه الحضارية، بذريعة دعمه للإرهاب واستحواذه الأسلحة المحرمة دوليا، على خلفية أحداث 11 أيلول 2001 في أميركا، وبنفس الذرائع الكاذبة والمخادعة تم تدمير “ليبيا” التي حولها الغرب إلى “أفغانستان” العرب، ماذا يفعلون الآن في سورية التي استعصت على أعدائها. ولم يخسر الغرب شيئا يذكر في كل ذلك، وضع يده على الأموال العربية التي في خزائنه ثمنا لتدخله وتعويضا للخسائر البشرية القليلة التي مني بها، لأنه وبالضبط كانت له مجموعاته الإرهابية المغرر بها دينيا ومذهبيا، والمرتزقة من جميع أنحاء العالم، يحشدها ويدربها ويسلحها ويمولها عن طريق حلفائه من العرب الأغنياء، للأسباب التي ذكرناها آنفا، ويزجها في ميادين القتال ضد الدول العربية التي لا تسير في فلكه، وخاصة في سورية التي أضحت مركز ثقل لدول محور المقاومة التي بزغ نجم “إيران” فيها كدولة محورية في الشرق الأوسط، في مواجهة المشروع الأميركي بحضور ودعم روسي استراتيجيين.

*في سورية تقرع طبول الحرب الكبرى؟ يشهر “ترامب” سيفه الأميركي من جانب، ويرفع “بوتين”  ترسه الروسي من جانب آخر. أميركا تريد ثمنا ماليا لإدارة ظهرها في الساحة السورية، لا يستطيع أحد دفع ذلك الثمن سوى المملكة العربية السعودية، وأخواتها في الخليج، لأنه قد يقول قائل من محيط الرئيس “ترامب” أننا نحارب في سورية لأجل دوام أنظمة حكمكم واستقرارها، كما ندعمكم في اليمن لأجل ذلك، فادفعوا تسلموا؟! وما أظنهم إلا دافعين. برغم تشوش الصورة التي في أذهانهم عما ستؤول إليه الحال في سورية. سورية تنتصر، قد يصدقون ذلك بعد وصول الأمور فيها إلى حافة الحرب الكونية، إثر التهديد الأميركي بضرب دمشق، والاعتراض الروسي على ذلك، على خلفية قيام الجيش وحلفائه والدعم الروسي لهم بتنظيف غوطتها الشرقية من الإرهاب. ستزول تلك الممالك والإمارات العربية إذا ما وقعت واقعة الحرب الكونية، فالقواعد الأميركية فيها وآبار النفط ستكون جاذبة لتلك الحرب أكثر مما يتوقعون. عند هذه النقطة ستفعل فعلها عقلية التاجر-الرئيس في أميركا، فتدفع له تلك الدول ما يطلب من المال  على أمل تجنيب بلادهم دمار الحرب إن وقعت. وسيقلع التاجر من سورية بطائرته الخاصة محملة بالغائم على البارد، لتحط في مكان آخر بمهمة جباية ؟!

*إن من يقرأ من قراء الخطوط توقيع الرئيس “ترامب” يجد أنه مر في مراحل استقرار متعرج  وخطوط صاعدة، وحتى الآن مر بمرحلتين ناجحتين، فهل سينجح في المرحلة الثالثة التي يمر زمنها عليه الآن؟ يتباهى الرئيس ترامب بتوقيعه على القرارات الأهم في العالم، وكان آخرها توقيعه على الأمر التنفيذي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى “القدس” ما يحولها عاصمة أبدية لـ(إسرائيل)، رأيناه كيف يرفع القرار بتوقيعه إياه أمام كاميرات وسائل الإعلام متباهيا بذلك؟!

*أميركا أعظم إمبراطورية رأسمالية في التاريخ، ورأس المال، في العرف، جبان. هل سيشفع للرئيس “ترامب” بشخصيته غير الاعتبارية، تلاعبه بمستقرات الدستور الأميركي من المفردات؟ الدولة العميقة هي أهم بكثير من الأفراد، وإن العمل (التجاري) إن تداخل مع العمل السياسي، وحتى العسكري، فلا بد أن يكون من عمل تلك الدولة، ولمصلحتها، وتتحمل مسؤوليتها جماعة الدولة العميقة، ضمن إطار مفهوم الجريمة الجماعية المبررة دستوريا، كما في الحروب التي تشنها أميركا، وذلك من غير أن تطغى على ذلك مصلحة الأفراد، حتى لو كان على رأسهم الرئيس بشخصه عندما ينفرد باتخاذ القرار، لأنه عند ذلك يكون بشخصه غير الاعتباري.

* الصورة التي تهدد الاستقرار في أميركا وفي العالم، تظهر عندما يتم استخدام كلمات الحرب الكونية، والتلويح بها أو التسبب بها، في غير زمانها أو مكانها، وبغير مبرراتها الحيوية. تكون عندها شخصية الرئيس، أي رئيس،  في خطر.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/03/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد