لماذا حل «وعد» الجمعية المعارضة (2)
يعقوب سيادي
بمثل ما للفرد من حق التعبير قولاً وكتابة، وسيلة لإيصال ونشر رأيه الحر، فإن مثلها أيضاً للمؤسسات، وحين الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني السياسية والحقوقية، ومنها الأحزاب التي هي مثلها الجمعيات السياسية في البحرين، عدا عن كون أن هذه الجمعيات، على رغم أن حرية الرأي وحق التعبير، مكفولان بالنص في ميثاق العمل الوطني وفي دستور مملكة البحرين، إلا أنها قد كبلتها عموميات النصوص القانونية ذات الصلة، والتي تتيح إمكان إيقاع الجزاء على أي جمعية سياسية وقد جرى ذلك حينما حُلَّت جمعية الوفاق، وهي اليوم تُواصِل لحل جمعية (وعد).
ولكي يتضح المقصود بعمومية النصوص القانونية، التي تتيح للسلطة المعنية تكييف الوصف الاتهامي ليتبدى للمحكمة أن المتهم قد تجاوز القانون، بمثل ما عندما يقول شخص لآخر «احفظ لسانك يا هذا» فيشتكيه هذا الآخر ويتهمه أنه هدده بالقتل، ويسند إتهامه هذا بأن المتهم جهر بنصف عبارته وأسر في نفسه باقيها، «وإلا قتلتك»، وأن نصف القول هذا لا يخرج مقصوده عن التهديد، مع أن المُخاطِب يطلب من المُخاطَب أن يحفظ لسانه من الدناءة وانتهى.
فواضح أن الوزير يطلب حل جمعية (وعد) بناء على وصف اتهامي، مثل «استمراء العنف» أي استطابته، «واستطابة الخروج» على السلمية، ليطالها بعقوبة «تحبيذ الإرهاب والتحريض عليه»، وعقوبة المس «بالقضاء ونزاهته وعدالته»، وعقوبة «التعريض لحكم القضاء».
العقوبة هي لجناية أو لجرم مادي أُقتُرِفَت ممارسته بعينه، إما بالقول الصريح، لعبارة بما يحض النفس أو الآخر على فعلٍ مُجَرَّم قانوناً، ْوإما بالفعل الموصوف تحديداً في القانون ومنصوص في القانون على عقوبته، وليس تأويل القول أو الفعل، لأن في التأويل احتمالات، والقانون لا يتعامل مع منطق حمالة الأوجه.
الموقف من حل جمعية الوفاق، واعتقال أمينها العام والحكم عليه بالسجن 9 سنوات ثم تقليص العقوبة إلى أربع سنوات، فلا لوم على من يعرف استراتيجية الجمعية المعلنة، ويعرف تعابير خطابها، ويعرف مطالبها التي رفعتها بنصها، ويعرف شخصية وأخلاق أمينها العام ومنطوقه، إذا ما استغرب مما نالها ونال أمينها العام، وخاصة أن حلّها جاء بطلب نفس الوزير وبنفس أسلوب عموميات الوصف الاتهامي.
لا نطيل الحديث في البديهيات، فنختم المقال بدفع التهم التي تم توجيهها لـ (وعد) واعتمدها الوزير سبباً لطلب حلها، ألا وهي تهمة «ضم عضو للجمعية ولجنتها المركزية بعد أن أدين إبراهيم شريف، مخالفة في ذلك قانون الجمعيات السياسية (الذي يشترط) في العضو أن يكون متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية، وهو الأمر الذي حدا بالوزارة لرفض الاعتراف بالمؤتمر العام للجمعية والذي عقد في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2016»، وبالمناسبة فقد تراجع الوزير حين تطلب الأمر أن يتحدد أمين عام وعد، لغرض توكيل المحامين للترافع والدفاع عن الجمعية في المحاكم، وإن هو الأمين العام الجديد الأستاذ فؤاد سيادي الذي تم انتخابه في المؤتمر الذي يطعن فيه الوزير، أو هو الأمين العام السابق الأستاذ رضي الموسوي، قبل المؤتمر الطاعن فيه الوزير.
فقد اعتمد الوزير نص المادة رقم (5) من قانون الجمعيات السياسية التي تعالج شروط العضوية في الجمعيات السياسية، في شرطها الأول: (11- أن يكون بحرينياً، متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية».
وقد غاب عن الوزير أن المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته، هي المعنية بحرمان المواطن من حقوقه السياسية، ونصها «يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه في جناية أو جنحة بعقوبة سالبة للحرية أثناء (ونكرر ألف مرة مفردة أثناء) تنفيذه للعقوبة المحكوم بها».
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/05/07