دبلوماسية حِياكة السجَّاد هل تتبدَّل…؟
السيد سامي خضرا
معروفٌ عن الدبلوماسية الإيرانية بشكل عام الهدوء والصبر والنَّفَس الطويل وعدم الانفعال إلى درجة أنها تُضرَب بها الأمثال.
وتُسمَّى هذه الدبلوماسية بسياسة حِياكة السجَّاد الذي تشتهر به إيران والذي يتطلَّب من صاحبه سنوات عديدة لإنجاز سجَّادة واحدة.
فهل تستطيع هذه الدبلوماسية الإيرانية الهادئة ومع تَسارُع خطوات التطبيع المُتزايدة على ضفافها يوماً بعد يوم أن تَستمر على هذه الوتيرة؟
فالإيرانيون كانوا يُدَوِّرون الزوايا ويتكلَّفون كثيراً في التعامل مع الدول الخليجية بالرغم من أنواع الاستفزاز الكبير الذي كان يمارَس دائماً معهم.
لكن الآن طبيعة الأمور تتغيَّر وبشكل حَدِّي:
فالإسرائيليون باتوا على الأبواب وهذا الأمر لم يَعد مجرد نظرية أو تهويل أو تخمين…
وعلى الرغم من أنّ الكُلّ كان يَعلم أن التواجد الإسرائيلي في الخليج هو حقيقة لكنها سريَّة فقد أصبح اليوم علانياً، حيث تقوم بعض دول الخليج بخطواتٍ فيها الكثير من جرعات التطبيع الكيديَّة.
فالوجود الإسرائيلي يَمتدّ ليس من الإمارات والبحرين فقط بل حتى باب المندب والبحر الأحمر وأريتريا وجيبوتي والآن سقطرى التي احتلتها الإمارات.
وكما بات معلوماً فهذه المناطق إضافةً إلى حساسيَّتها الإستراتيجية والجغرافية هي أماكن كان يُمَرَّر منها السلاح إلى فلسطين إضافةً إلى استفادات أخرى لصالح قضية فلسطين أيضاً.
والسؤال الذي يُطرح اليوم:
1 ـ ما هو الجديد الذي يُمكن لـ «إسرائيل» أن تُقدِّمه «لحلفائها» في محور التطبيع المُعادي لمحور المقاومة وحلفائه؟
مع العلم أنّ الأميركيين لم يبخلوا على السعوديين والإماراتيين بشيء من هذه الناحية قبل وبعد خمس سنوات من الحرب الوحشية على اليمن حيث استُعمِلَت كلّ وسائل العدوان !
٢– وماذا يمكن للمُطَبِّعين أن يُقدِّموا للإسرائيليين، غير عمليات استخبارية تستهدف محور المقاومة وخاصةً أن المَطلوب منهم التعاون ضدّ إيران؟
ونحن نرى من خلال أعمالهم المُتهوّرة ماذا عملوا في اليمن خلال ألفَيْ يوم من الحرب المُتواصلة والتدمير المُمَنْهَج والمجازر المُستمرة مع إمدادٍ عالمي بالسلاح وسكوتٍ مُطبِق ولم يُفلِحوا ولم يُغيِّروا بل ها هم ينتقلون من مأزق إلى آخر ومن هزيمة إلى أخرى!
كلّ هذا مع اليمن، فماذا يمكن أن يفعلوا مع الجمهورية الإسلامية؟!
ومن الواضح هنا أنهم يُعرِّضون كِياناتهم لأخطار مباشرة من الصعب ان يُسكَت عنها كما من الصعب بل من المُستحيل أن يتحمَّلوا عواقبها.
فكلّ شيءٍ يتغيّر بسرعة والمَسُّ بأمن الجمهورية الإسلامية مَسٌّ بقلب المحور.
وعندما نُذكِّر دائماً بأنّ صواريخ حزب الله يمكنها أن تضرب العمق الإسرائيلي حتى النَّقَب فلا بأس من التذكير بأنّ صواريخ أنصار الله باستطاعتها أن تضرب إيلات والمواقع الإستراتيجية في الكيان المُعادي.
فالنموذج اليمني هو نموذج للمقاومة بامتياز إضافة لنموذج حزب الله، في وقت نرى أن المُتغيِّرات تتسارع ويُنتَظَر من محور المقاومة أن يأخذ خطوات جديدة.
فماذا بعد؟
لا شك أنّ المحور المقاوم مطلوبٌ منه بل فُرض عليه أن يُغيِّر استراتيجية التعامل السائدة عسى أن يعرف بعض الخليجيين المتهوّرين حجمهم الطبيعي.
وهذا أمر بات ضرورياً.
فالإمارات مثلاً تحوّلت بين عقد وضحاه من محطة تجارية في المنطقة إلى دولة لها طموحات عظمى تمتدّ من ليبيا ولا تنتهي في سورية والعراق واليمن وطموحات قواعد في أريتريا بل تقوم بمناورة مشتركة مع الجيش اليوناني الخصم اللدود لعدوها التركي!
فهل هي في موقع أن تكون موطئ قدم للمخابرات المعادية، أو منصّة عسكرية موجّهة لإطلاق النار، أو خصماً سياسياً يتحدى مَن حوله خاصة إيران؟!
وهل من قدرة الإمارة المرتهَنة أو لديها الأهلية أن تخوض حرباً ساخنة؟
عندما يصل حائك السَّجاد الهادئ والصبور إلى مرحلة قطع الخيط الأخير فهذا يعني أنه حزم أمره نهائياً ولم يعُدْ يلتفت إلى الوراء.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/09/21