أعطني حريتي أطلق خياليا!
د. محمد المسعودي
عندما يقول آينشاتين: «المخيلة أكثر أهمية من المعرفة؛ فالمعرفة محدودة، أما المخيلة فتطوّق العالم»، فذلك امتدادٌ لبيئة تعلمٍ حديثةٍ «ابتكاريّةٍ» تنطلق نحو البيئة المُمكِنة مجالاتٍ وآفاقاً أمام المتعلمين لإطلاق «خيالاتهم» نحو كل جديد ومختلف ومثمر.
ومن نفس المنطلق، نجد أن «المدرسة الحديثة» من يحقق فيها الطلاب تقدماً «يفوق» ما يمكن توقعه، بناءً على ما يتم تزويدها به من تكنولوجيا متقدمة وبسرعةٍ فائقة، حسب مدير معهد التربية بجامعة لندن البروفيسور بيتر مورتيمور.
وعند استقراء تجارب بعض الدول المتقدمة في التعليم مثل فنلندا، سنغافورة، كوريا الجنوبية، اليابان، ماليزيا، والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها، نجد تعدد النماذج التي تتحدث عن تصميم «بيئات تعلّمٍ ابتكاريّة» ونشطة وفاعلة وحديثة، وبمبررات كان على رأسها التطور العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم الحديث وما يتطلبه سوق العمل من مهارات عقلية عليا جداً، وتخصصات دقيقة لا تستطيع بيئات التعلم التقليدية الكلاسيكية توفيرها!
اللافت كذلك، ووفق أهداف واضحة، ومتفق عليها تقريباً بين تلك النماذج، أن دمج التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال داخل المدرسة، يكون تكاملياً شموليا بين جميع أطراف العملية التعليمية، مع توزيع للأدوار في القيادة والتوجيه، وتشجيع لعملية التعلّم بمساحات من الحرية وإطلاق عنان الخيال، مع نشر لثقافة التعلّم التعاوني «النشط» -لا الطاولات المستديرة وجلوس الطلاب حولها فقط- والتي تسمح بطرح الأسئلة بين مجموعة من الطلاب، والبحث عن إجابات يمكن أن تمثل كل واحدة منها فكرة جديدة قد تكون مبتكرة، أو نواة لبراءة اختراع.. مع استغلالٍ لاستراتيجيات التدريس الحديثة كالتعلّم القائم على المشاريع والتعلّم الذاتي، والتعلّم الإلكتروني، والمختبر عن بعد وغيرها..
وفي نفس المنعطف، يأتي تكميلاً وتجويداً، إعداد ملف إنجازات رقمي «بورتوفيليو» لكل طالب باعتباره بُنية ابتكارية لها طبيعتها الخاصة وقدراتها المميزة وطرقها المفضلة في التعلّم، وأخيراً تطوير طرق تقييم الطلاب بأدوات ومقاييس تخرج من دائرة الاختبارات التحصيلية التي تعتمد فقط على الحفظ والتلقين إلى نماذج إلكترونية ونقاشية في حلقات، وعبر وسائل تكنولوجية أكثر ثراءً وإثارة للتفكير والقدرات الكامنة.
وأخراً، يبقى عدم إغفال الربط بين بيئة المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي بمختلف اتجاهاته واستعداداته وتخصصاته وكياناته بتلك البيئة والحياة اليومية.. ليبقى لنا ما نأمله «إننا نريد من طلابنا أن تذهب أرواحهم إلى المدرسة لا أبدانهم» كما وصّف المؤلف الأميركي بيل ووترسن ذلك، وقبله اقتباساً من شاعرنا الطبيب إبراهيم ناجي «أعطني حريتي أطلق خياليا»!
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/06/01